أختام توثيق العقود لطمس بياناتها
د. بهاء حلمي يكتب:
مما لا شك فيه إن بصم المحررات او المستندات بخاتم (الدولة) شعار الجمهورية يضفى عليها صفة الرسمية سواء على الصعيد الداخلي ام الدولى.
فلكل دولة راية (علم) وشعار تبصم به القوانين والمراسيم والمعاهدات وأوراق اعتماد الوثائق الرسمية المختلفة وفقا للاعراف والتقاليد المتبعة بأن تكون مبصومة بخاتم الدولة.
وفي مصر ..فإن خاتم شعار الجمهورية يُعد رمزا على رسمية المستندات او المحررات الموثقة، وعلى الاخص في الخدمات التى يقدمها الشهر العقاري والتوثيق مثل العقود المختلفة بما فيها عقود تأسيس الشركات التى تتم بالهيئة العامة للاستثمار، والتوكيلات وغيرها من الوثائق الهامة التى يحتاجها المواطنون أو الاجانب وفقا للتشريعات الداخلية والقواعد المنظمة للعمل في دواوين ومؤسسات الدولة.
إلا ان اللوائح والتعليمات ربما لم تضع معايير او ضوابط تحدد عدد مرات بصم الختم علي كل ورقة او فقرةـ.
فتلاحظ أن عقود الشركات الصادرة عن الشباك الواحد بهيئة الاستثمار عبارة عن غابة من الاختام. فتحمل كل ورقة ما بين اربعة الى ثمانية اختام بخلاف الشعارات والاختام الاخري.
لدرجة انه يستحيل قراءة او تفسير بعض الجمل والكلمات المطموسة بالاحبار الزرقاء والسوداء. ان الامر يدعو للتفكير حول فهم فلسفة وضع الختم بهذا الشكل .
اللافت للنظر انه تم تطوير اداء هيئة الاستثمار وميكنة الاجراءات واصبحت العقود نمطية موجودة على اجهزة الحاسب الإداري امام المحامين العاملين بالهيئة لاستيفاء بياناتها بعد مراجعة وتدقيق البيانات. ليتم طباعتها بعد ذلك لأدخالها غرفة الاختام المظلمة لطمس صفحاتها بعشرات المرات دون أى مبرر واضح.
في الوقت الذى تعتمد فيه التجارة العالمية على اساليب ووسائل وأليات التجارة الالكترونية والتوقيع الالكترونى بما فيه مصر دون الحاجة لمثل هذه الاختام العتيقة واحبارها الطامسة والملوثة للبيئة.
ما المانع من طباعة عقود الشركات بالهيئة العامة للاستثمار وتوثيقها الكترونيا على ورق فاخر وآمن وبه علامات مائية للحماية مثل الشيكات التى تطبع في مصر، او كشهادات الميلاد ومصدرات الاحوال المدنية المؤمنة مع امكانية تحصيل قيمة تلك المطبوعات المؤمنة ضمن رسوم تأسيس الشركات.
أو الاعتماد على الطباعة المضغوطة علي الورق لحفظ الكتابة المدونة عليها أو اى وسيلة اخري مع امكانية عمل شهادة (ورقة واحدة) معتمدة بخاتم شعار الجمهورية تفيد صدور هذه العقود والتوكيلات وغيرها من الوثائق اذا كان لازما ذلك.
إن التحول الى الرقمية او الرقمنة لا يعنى وضع بيانات على اجهزة الحاسب او في قواعد البيانات فقط، وانما يعنى تطوير الاداء وسرعة الانجاز ودقة العمل والبيانات ورفع كفاءة العاملين وتغيير المفاهيم لديهم بما يتسق مع الاهداف المأمول تحقيقها، ومكافحة الفساد.
وليس لإعادة الطباعة وبصم الاوراق بعشرات المرات بخاتم شعار الجمهورية لطمس ملامحها.
إن وضع علامات مؤمنة على الوثائق يجعلها أمنة يمكن حفظها لمدد طويلة دون تلف ونظيفة وناجزة ومقبولة الشكل، وإن لزم ذلك لتعديل تشريعى فما المانع.