إنهيار أمريكا…..بين الأمنيات والتوقعات

د. بهاء حلمي يكتب:

زاد الحديث في وسائل الاعلام المختلفة في الاونة الاخيرة بخاصة وسائل الإعلام الروسية والعربية عن كثير من التوقعات والامنيات بإنهيار امريكا في ضوء تصاعد حدة الانقسام التى سادت المجتمع الامريكى مؤخراً.

 مما لا شك فيه وجود فرق بين الانطباعات والامنيات وبين الرأى أو التوقع، فالانطباعات عبارة عن ملاحظات سريعة ربما تتغير فيما بعد، والامنيات تبنى على العواطف، أما التوقعات فيجب ان تستند إلى حقائق علمية أو معلومات ومؤشرات شبه مؤكدة  أو مؤكدة كما هو الحال في الرأى الذى يتولد من التفكير ويستند على معلومات وحقائق ودراسات وبحوث علمية، وهناك توقعات المنجمين التى لا تدخل في موضوعنا هذا.

لقد بدأ الحديث عن انهيار امريكا القوة العظمي في العالم منذ سبعينات القرن الماضى، بعد تخليها عن اتفاقية بريتون وودز التى كانت تحدد الدولار بسعر 35 دولار مقابل أونصه (اوقية) من الذهب.

حيث تنبأت هارفارد في1970 بتحويل الحلم الامريكى الى كابوس بناء على دراسات كبار الاقتصاديين التى اشارت الى  تضاؤل الفرص امام شباب الجيل الجديد مقارنة بالاجيال الماضية بسبب سياسات الحكومات المتعاقبة التى ادت الى عدم تحقيق العدالة بين قمة الهرم وقاعدته في الولايات المتحدة الامريكية، وتقليص الفرص امام الفقراء وتدهور مستويات المعيشة لدى ملايين الامريكيين مقابل حصد الاثرياء لاضعاف ثرواتهم.

ويرى البعض ان اعلان ترامب عزمه استرداد الحلم الامريكى  من خلال شعار” امريكا اولا”  يحمل في طياته الدعوة لاستعادة امريكا وضعها الاقتصادي عالميا، بالتوازى مع مشاعر كراهية الاجانب والتحيز العنصري والمزيد من العنف.، الامر الذى فسره البعض على انه اشارة الى القومية البيضاء والعلاقة المتضاربة مع الهجرة والعداء للمهاجرين والخوف من الاجانب في تناقض واضح وصريح مع سياسات الديمقراطيين التى تسير مع فتن وحماقات الديمقراطية كما يسمونها، مما يساهم في ترسيخ وتكريس روح الانقسام بالمجتمع الامريكى.

إن الاقتصاد الامريكى في تراجع مستمر ، لقد فقد في 2014 صدارته لقائمة اكبر اقتصادات العالم تبعا للقدرة الشرائية لفائدة الصين. وسبق للاقتصاد الامريكى الانكماش اثر ازمة الرهن العقاري والمشتقات المالية بنسبة 5% في عامى 2008/2007م، اضافة الى الاثار الناجمه عن طباعة البنكنوت(الدولار) دون أى غطاء أو رصيد من الذهب مما انعكس سلبا على المالية العامةـ واليد العاملة، والتجارة الخارجية، والاستثمارات الاجنبية.

وفي ابريل 2019 اعلن البنك الدولى عن الزيادة في الدين المحلى والخارجي لامريكا، وان الناتج المحلى الاجمالى للصين يتجاوز الناتج المحلى الامريكى، واستحواذ الصين بسرعة على اصول وموارد الشراكة في افريقيا وامريكا اللاتينيه واوربا وآسيا، كما تعد ثالث اكبر دولة في العالم من حيث القوة العسكرية.

  وامتد هذا التأثير الى الهند التى تتمتع بقوة اقتصادية وعسكرية متنامية، بجانب المانيا التى ستصبح مركزا اخر للقوة في العالم باعتبارها تتصدر زعامة اوربا اقتصاديا بلا منازع، ونقل مقر الاتحاد الاوربي الى برلين والسعى الى ضم كل من اليابان وكوريا الجنوبية وبعض دول امريكا اللاتينية اليه.

وتظهر روسيا التى تحتل المركز السادس عالميا في قوة الاقتصاد، وربما تحتل المركز الثالث بعد الصين والهند بفضل مخزون الموارد الطبيعييية لديها في سيبيريا والقطب الشمالي كما تتقدم روسيا في صناعة الفضاء والصناعة النووية وتكنولوجيا المعلومات والصناعات العسكرية.

كل هذا يبلور مقولة امريكا تتفكك فالانقسام الاجتماعي المتنامى والتفاوت العميق داخل المجتمع، وتغيير اسلوب التعبير عن الرأى الى موجات العنف والاحتجاجات التى يواكبها اعمال نهب نتيجة للعنصرية والتمييز ضد الامريكيين وخاصة من اصل افريقي سواء كان في التعليم او الرعاية الصحية او الملاحقة الجنائية بالتوازى مع الانهيار الاقتصادي والمشاكل السياسية الداخلية للولايات المتحدة إضافة الى تبعات فيروس كورونا الذى اودى بحياة عدد كبير من الامريكيين ومازال يضرب العالم بموجاته المتلاحقة، وسياسات الديمقراطيين ستلقى بسحابة من اليأس التى ربما تحول الحلم الأمريكى الى كابوس يهدد بحرب اهلية او  انقسام امريكى يؤدى الى ظهور دول جديدة نتيجة انفكاك الولايات المتحدة الامريكية واتحاد بعض الولايات المتجانسة لتكوين دولة جديدة او اكثر, وفي كافة الاحوال لن يستطيع الحكم الديمقراطي السيطرة على الامور خلال السنوات الاربع القادمة،  هل هذه توقعات؟ نعم هناك دراسات امريكية تقول ذلك.

www.bahaahelmy.com

About Post Author