الوجه الآخر للنظام العالمي الحالى
د. بهاء حلمي يكتب- في الجمهورية
روجت كثيرا الولايات المتحدة الامريكية لمصطلح “النظام العالمي الجديد” بعد سقوط الاتحاد السوفيتي السابق وانفصال دوله عنه في اوائل التسعينات، حيث أن هذا النظام يشكل حلم الغرب واستراتيجيته منذ زمن بعيد.
وأعلنت للعالم أن هذا النظام يهدف الى تكوين اكبر تجمع دولى لدول متنوعة في قضايا مشتركة لتحقيق التطلعات العالمية البشرية (السلام والامن – الحرية – سيادة القانون) وهو مبدأ يستحق النضال لآجله وفقا لما قاله الرئيس بوش في سبتمبر 1990م.
إضافة للترويج للفوائد والمزايا الاقتصادية والمالية العابرة للحدود التى يحققها النظام الرأسمالى لدول العالم المختلفة بعدما يتم التخلص من رقابة وقيود الدول والحكومات.
وان النظام العالمي الجديد يهدف لزيادة الاستثمارات وتحقيق التنمية لجميع الدول الاعضاء في هذا التجمع أو التحالف الدولى الذى يعتبر القوة الاقتصادية والعسكرية العظمى في العالم.
وقد اعتمد الغرب في ترويج تلك الافكار علي محورين أساسين الاول: استخدام وسائل الاعلام والفن ومواقع التواصل الالكترونى في الترويج لافكارهم، والثانى: جعل حقوق الانسان منصة حربية من أجل إخضاع الدول والحكومات التى تتمسك بسيادتها وحدودها وعقيدتها لتوقيع العقوبات عليها.
مع تجنيد مجموعات وطنية لهدم تلك الدول من الداخل باستخدام شعارات الديمقراطية والحرية وفقا لاسلوب وسياسات الحزب الديمقراطي الامريكى.
فكرس الغرب كل الجهود للحشد الدولى حول تلك الاهداف والقيم الانسانية الخادعة التى غلفت نواياهم وسوء مقاصدهم.
فجاءت حرب الخليج لتكشف الوجه الحقيقي للنظام العالمي برئاسة الولايات المتحدة بإعلانها تشكيل تحالف دولى خارج اطار ميثاق منظمة الامم المتحدة لاستهداف العراق وتدميره وتسريح جيشه وتسليمه لجماعات وتنظيمات متطرفة تم دعمها لتحقيق اهدافها.
وقد جنى الغرب ارباحا كبيرة جراء في هذه العملية في صورة تعويضات قدرت باكثر من 50 مليار دولار من العراق كتعويض للكويت، أو في صورة مساهمات دول الخليج في تكالبف الحرب بخلاف ما حصلت عليه الدول والجماعات الارهابية من اموال نتيجة نهب موارد العراق.
الامر الذى فتح شهية الولايات المتحدة نحو تسريع تنفيذ استراتيجية السيطرة على العالم، واعادة تقسيمه بما يحقق اهداف الهيمنة الاقتصادية والعسكرية والسياسية على العالم واسقاط كل توجه معارض لتلك السياسات.
فتسارعت وتيرة الغرب لتنفيذ استراتيجية النظام العالمي باستهداف اوكرانيا حيث نجحت في اسقاط النظام الموالى لروسيا وقتئذ بمساعدة الاخوان المسلمين وبشعارات الحرية والديمقراطية، مع البدء في تغيير هويتها وتوجهاتها بدعم مالى كبير من الاتحاد الاوربي قدر بحوالى 17 مليار دولار مع الوعد بعضويتها في الناتو.
واتجهه الغرب نحو هونج كونج وتايوان لدعمهما في مواجهة الصين وجعلهما شوكة في الظهر.
مع اقتحام منطقة الشرق الاوسط ليدمر ليبيا باستخدام الاسلحة الفتاكة ثم وضع حجر الاساس للتناحر الدينى والعرقي.
وهدم كل من سوريا واليمن، ودعم دكتاتورية الاخوان في تونس وغيرها مع رسم سياسات التقسيم والعداء بين شعب وأهل العراق.
فظهر الوجه القبيح للنظام العالمى الجديد واثاره على الشعوب التى تم تدميرها ونهب ممتلكاتها وطمس اثارها وهويتها وقتل وتشريد وتهجير ابناءها من مساكنهم الى مناطق حدود الدول الغربية التى صدقوا وعودها وحلموا بديمقراطيتها، ولكنهم تخلوا عنهم وعن مبادئ حقوق الانسان بعدما تركوهم في العراء يلقون مصيرهم.
الأمر الذى رفضته بشدة مرارا وتكرارا كل من الصين وروسيا ودول العالم الحر التى تؤمن وتعمل على ترسيخ الامن والسلام العالمى وفقا لميثاق الامم المتحدة ومبادئها التى تقوم على احترام السيادة الوطنية، والدفاع عن الامن القومى في مواجهة العدائيات.
إلا ان التحالفات التى تم تكوينها اضعفت دور منظمة الامم المتحدة بل همشت دورها، واستباحت دول العالم وصولا لحدود روسيا والصين لتهيئة الساحة لفرض السيطرة على العالم.
الامر الذى رفضته روسيا وترفضه الصين وسوف يرفضه كل بلد حر وكل مواطن وطنى شريف في ضوء الدروس المستفادة والكشف عن الوجه القبيح للنظام العالمى الذين يتحدثون عليه.
اننا في انتظار نظام اخر متعدد الاقطاب يحترم سيادة الدول وحدودها وتاريخها وحضارتها، وعلينا التمسك بمبادئنا ووحدتنا ودعم مؤسساتنا العسكرية والامنية وتزويدها بكل ما يلزم من امكانات وقدرات لحماية الوطن ومستقبل الاجيال القادمة في ضوء الدروس المستفادة من اسباب الحرب الروسية الاوكرانية.