بناء جسور الأمل بصعيد مصر
د بهاء حلمي يكتب:
عاش صعيد مصر الذى يمتد- من جنوب الجيزة إلى أسوان وحلايب وشلاتين جنوبا – عشرات السنين في عزلة وغربة عن الوطن.
حيث اتبعت الحكومات السابقة منذ ستينات القرن الماضى سياسات تمييز وإقصاء لمحافظات الصعيد التى تقدر بنسبة ثلث محافظات وسكان مصر في ضوء غياب البُعد الاستراتيجي للامن القومى المصري.
لقد سقطت محافطات الصعيد من حسابات واستراتيجيات الدولة وخطط التنمية الاقتصادية مما زاد من مساحات الفقر والمرض والأمية، وتدنى مستوى الخدمات والمرافق وضعف مستوى الرعاية.
الأمر الذى أدى إلى تفشي روح الإحباط واليأس وفقد الأمل لدى قطاع عريض من شباب محافظات الصعيد وجعلها بيئة خصبة لنشر افكار الجهل وروح الكراهية والعداء للاخر.
فتحول كثير من الشباب الى التطرف العنيف في كثير من محافظات الصعيد وخاصة محافظتى المنيا واسيوط في الوقت الذى زادت فيه معدلات الهجرة مع زيادة الحوادث والعمليات الارهابية التى بدأت بالعصى والجنازير ثم تطورت لإستخدام كافة اساليب ووسائل العنف التى سار عليها تنظيم الدولة (داعش) بعد ذلك.
ثم شاهدنا الهجوم على مديرية أمن اسيوط اثناء صلاة العيد عام 1981 واستشهاد العديد من قوات الشرطة حيث كنت شاهدا على تلك الاحداث من واقع مسئوليتى وعملي وقتئذ.
وتكبرت الجماعات الإسلامية وكبرت شوكتها وتوغلت جماعة الاخوان في اعماق الصعيد ودبروا حادث غتيال الزعيم انور السادات بطل الحرب والسلام الذى مات شهيداً، وواجهت الشرطة تلك العمليات بكل بسالة وفكر حتى اعلان كثيرين من اعضاء تلك الجماعات التوبة والعودة للعقل وصحيح الدين.
إلا أنهم تركوا لنا إرثا من جينات ايديولوجية العنف والجهل قائمة بعقلية بعض مواطنى الصعيد.
وقد جاء الاهتمام الرئاسي بصعيد مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013 اعتمادا على التخطيط العلمي والامنى والاستراتيجي لتنمية الصعيد وتوفير حياة كريمة لكل مواطن يعيش على ارض مصر وحماية الامن القومي والحفاظ على ترابط الامة وتماسك الجبهة الوطنية باعتبارها حائط الصد الأول أمام المؤامرات والارهاب.
وقد تبلور هذا الاهتمام والرعاية في إعادة عرض تاريخ وحضارة مصر بشكل يعيد ابراز العظمة والتفوق التاريخى والعلمي والحضاري لاجدادنا المصريين في عرض مُبهر غير مسبوق على ارض صعيد مصر أذهل وجذب انظار العالم نحو وجه مصر الجديد.
إن الكشف عن ما يزيد على الـ 943 مشروع بناء وتعمير في محافظات صعيد مصر في مجالات الطرق والكباري والاسكان والمدن الجديدة، والانتاج الحيوانى والثروة السمكية والبترول والغاز الطبيعى وتطوير العشوائيات والمدن وفي مجال التعليم والبحث العلمي والتموين والثقافة والفنون ودور العبادة وتكنولوجيل المعلومات والسياحة والاثار والصحة والصناعة والشباب والرياضة وفي مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة والمستشفيات والحميات ومعامل الصحة وتحليل فيروس كورونا إضافة لمناطق الترفيه والموارد المائية والري ومياة الشرب والصرف الصحى والنقل والمواصلات وغيرها من المشروعات التى تم انجازها على ارض الواقع أمر غير مسبوق في تاريخ الأمم.
كل هذه المشروعات معلن عن تفاصيلها على موقع وصفحة” خريطة مشروعات مصر” على شبكة الانترنت.
إن هذه الانجازات التى تتم تمثل فكر وايمان وعقيدة لدى القيادة السياسية بأهمية تحقيق المساواة والعدالة وتوفير حياة كريمة للمصريين دون تمييز، كما تكشف لنا عن بُعد الفكر والتحليل للدروس المستفادة لبناء مجتمع وطنى صلب ومتماسك لحماية الارض والشعب والنيل والتاريخ والاعتزاز بالحضارة والتمسك بالقيم الدينية والاخلاقية.
إن ما يتم من انجازات بصعيد مصر يمثل وضع حجر الأساس لإعادة بناء الانسان المصري بمحافظات الصعيد وتنمية روح الولاء والانتماء لديهم، وهى المعركة الابرز لإزالة روح الاحباط واليأس وإعادة رسم خريطة وتدشين طريق للآمل والانتقال الى التفكير الايجابي والشعور بالسعادة والتفاؤل والتحول الى الإبداع والتمسك بالعيش على ارض الموطن. ولتصبح محافظات الصعيد واحة خضراء للفكر والابداع والانتاج.
إنها بداية لإنطلاق الاحلام ولتحقيق الطموحات وتنمية الوعى الوطنى لدي اهالينا بمحافظات الصعيد في مواجهة ايديولوجية التطرف العنيف، وللتصدى لمؤامرات الفوضى والفتنة التى تحملها اجندة الجماعة الارهابية لصالح الغير.
اننا نفخر بالعزف على اوتار هذه الانجازات العظيمة.