د بهاء حلمى يكتب: اشكال جديدة للارهاب الدولي
تشهد العمليات الإرهابية تطوراً نوعياً خطيراً ومتسارعاً من حيث تنوع الأساليب وتعدد الوسائل المستخدمة في تنفيذها بهدف إيقاع أكبر عدد من الضحايا من الجنسيات المختلفة من خلال استهداف التجمعات والحشود البشرية .
يطوف الإرهاب دول العالم المختلفة بعد أن وضع الإرهابيون الفكر والخلفية والأساس والتخطيط والتنفيذ على شبكة الانترنت من خلال العالم الافتراضي لمن يرغب في تنفيذ عملية إرهابية في أي وقت – الأمر الذي يشير إلى مدى الكفاءة في استخدام التقنيات والتكنولوجيا ووسائل الاتصال والإخفاء والتمويه بشكل احترافي قد يفوق توقعات الحكومات والأجهزة في الدول المستهدفة.
إن تنوع أساليب ووسائل تنفيذ العمليات الإرهابية لا يقتصر على كيفية الرصد والتخطيط والتنفيذ فقط بل يمتد لاختيار مكان التنفيذ والوقت المحدد لارتكاب الجريمة بهدف تحقيق أكبر قدر من الخسائر البشرية والاقتصادية والمعنوية والسياسية ايضا
فبالأمس القريب تعرضت نيس عروس الريفيرا بفرنسا لحادث وحشي في العيد الوطني الفرنسي راح ضحيته أكثر من 84 شخصاً ومائة مصاب منهم 50 في حالة خطرة من جنسيات مختلفة أثناء استعدادهم المشاركة في الاحتفالات المقررة، وذلك من خلال اقتحام أحد سائقي الشاحنات التجمعات الموجودة والدخول لأكبر شارع يتسع لمرور الشاحنة بسرعة كبيرة ولمسافة طويلة أدت إلى وقوع الكارثة.
وقبلها كان الحادث الإرهابي بمطار اسطنبول بتركيا ، وتفجيرات بروكسل تلك الحوادث التي شدت الأنظار نحو أهمية تأمين المطارات باعتبارها تضم أهم وسائل النقل وتأثيرها بالغاً على اقتصاديات الدول، وبالأحرى فإن التأثير يكون عنيفاً على مستوى الأمن والاقتصاد وشركات التأمين والسياحة وصناعة الطيران والنقل الجوي، وهو أمر لا يختلف كثيراً عن تداعيات الحادث الإرهابي الأخير بفرنسا .
يتبين مما سبق أن تكتيك الإرهاب يعتمد على ثلاثة وسائل رئيسية الأولى: هي العمل الجماعي المنظم لتنفيذ العمليات الإرهابية والثانية هي الأفعال الفردية (الذئاب المنفردة) المنسق عليها مع التنظيمات الإرهابية عبر العالم الافتراضي أو ممن عاد لموطنه بعد اشتراكه في سوريا أو العراق ولم تنتبه اليهم تلك الدول على الرغم من التحذيرات السابقة للرئيس السيسي، والثالثة هي الأفعال الفردية لمن يتأثر أو يؤمن بفكر الجهاد على شبكة الانترنت وقتما يشاء، الأمر الذي يوضح مدى التحديات التي تواجهها أجهزة الاستخبارات والأمن في دول العالم المختلفة.
أما من ناحية تحليل المواقع المستهدفة في ضوء الدروس المستفادة نجد تركيز العمليات الإرهابية على المطارات ومحطات القطارات والمترو ومراكز نقل الركاب والأسواق التجارية والاحتفالات والمباريات والأماكن التي تعتبر مركز للحشود البشرية أو التي يرتادها العامة.
كما أنه لا يمكن حصر أهداف الإرهاب في الخسائر البشرية فحسب بل تستهدف الاستقرار والاقتصاد وزعزعة الثقة في قدرة أجهزة الأمن والمعلومات والحكومات بالدول المستهدفة. الأمر الذي يشير إلى أهمية اتخاذ بعض الإجراءات المهمة مثل:
التنسيق والتكامل بين أجهزة المعلومات الوطنية لتحليل كافة المعلومات والأحداث ووضع خطط التعامل ومتابعة تنفيذها مع أهمية التعاون مع أجهزة الاستخبارات على المستوي الإقليمي والدولي، ووضع نظام دولى جديد لمراقبة كل ما يبث في الفضاء المعلوماتي وعلى شبكة الانترنت من تحريض أو أي وسائل لتصنيع المفرقعات أو استخدامها مع منع ظهور أي وسائل تحض على كراهية الإنسان، واضطلاع وسائل الإعلام بتلقين وتوعية المواطنين بشأن الأساليب الإرهابية وكيفية التصرف وقت الأزمات مع التأكيد على ضرورة التوحد والتلاحم بين المواطنين وقوات الأمن والقوات المسلحة باعتباره أحد الوسائل القوية لمواجهة الإرهاب،بالإضافة إلى التركيز على التدريب للوصول للأداء الأمني المهني والمحترف مع الاستفادة من الدروس السابقة في علاج أي سلبيات أو ثغرات.