د. بهاء حلمي يكتب: قناة السويس .. كلمة السر
أعلنت الهيئة الاقتصادية لقناة السويس عن الاحتفال بمرور العام الثالث على تاريخ افتتاح وتشغيل قناة السويس فى أغسطس 2015 بعد انجاز أعمال التوسعة والتعميق والحفر فيما عرف «بقناة السويس الجديدة».
وقد صدر العديد من التقارير الاعلامية التى تناولت الانجازات التى تحققت أو المشروعات الاستثمارية المستقبلية والمردود الاقتصادى المتوقع، والعائد الايجابى على التنمية والتشغيل والحد من البطالة بجانب استعراض تاريخ قناة السويس منذ حفرها وتشييدها بسواعد المصريين وأهميتها على الصعيد العالمى كونها ممرا ملاحيا يصل البحر الاحمر والمتوسط، وبين آسيا وأوروبا وإفريقيا، ومحورًا مهمًا للتجارة العالمية يزيد من حجم التجارة العالمية اضافة الى موقعها المحورى والفريد الذى كان سببا فى صراعات دولية وإقليمية.
إلا أنه يبدو ان اتخاذ قرار الاعلان عن مشروع قناة السويس كان قرارا ذا بعد آخر بالنظر الى وقته ومضمونه والمخاطبين به سواء كان الشعب المصرى أم المجتمع الدولى.
فعلى الصعيد الوطنى فقد أذكى هذا المشروع روح الانتماء والولاء لدى أفراد الشعب حيث اصطف وتسابق الملايين لشراء شهادات استثمار قناة السويس الجديدة بأموالهم خلال بضعة أيام قليلة من طرحها لتوفر ما يزيد على ثمانية مليارات دولار لانجاز المشروع، بعد أن كان الانقسام يتصدر المشهد.
ومن ثم يعد الاعلان عن مشروع قناة السويس فى 2014م بمثابة كلمة السر فى توحيد الشعب المصرى والتفافه حول قرارات وأهداف ثورة يونيو والإيمان بأهمية العمل على قلب رجل واحد للدفاع عن قناة السويس والوطن كله فى مواجهة التحديات.
أما على الصعيد الدولى فكان مشهد الشعب المصرى وخياراته بمثابة رسائل غير واضحة وغير مسبوقة أولها، أن قرار توسعة قناة السويس نابع من السلطة المصرية ورمز لسيادتها وتعبير عن انتماء شعبها وعقيدته الراسخة بعدم التفريط فى أرض الوطن تحت أى ظرف.
وثانى تلك الرسائل أن المشروع سيتم انجازه بأموال المصريين دون حاجة للاقتراض من البنوك المحلية أو الدولية أو الحاجة لأى أموال من الخارج. وثالثها إصرار مصر على تحطيم الاحلام التى رسمتها الجماعة الإرهابية تنسيقا والقوى الاقليمية فى شكل صفقة يتم التنازل فيها عن بعض أراضى سيناء، ومن ثم فكانت الرسالة هى التأكيد على وقوف شعب مصر ضد كل السياسات والافكار والمخططات ومواجهة التحديات والمخاطر للحفاظ على وحدة الشعب وتراب الوطن.
وبالتالى يمكن وصف اعلان قرار مشروع القناة الجديدة وقتئذ بانه كان ضرورة حتمية حقق اهدافه على الصعيد السياسى الوطنى والدولى، حيث تميز بالجرأة والثقة والايمان بقدرة الشعب المصرى وعظمته، وعلى الصعيد الاقتصادى من المتوقع أن يكون محور قناة السويس من أفضل المناطق الاستثمارية والتجارية فى العالم.
ويثار التساؤل عما إذا كان يعتبر هذا القرار فكرة استراتيجية عبقرية لتحقيق تغيير استباقى على الارض تمهيدا لخوض حرب التنمية الشاملة فى مصر والسيطرة على شبه جزيرة سيناء وتعميرها بالتوازى مع مواجهة الإرهاب الذى لا يستهان به؟
صحيح تم تقطيع اذرع الارهاب وحصاره وعزل مصادر تمويله وإجهاض الكثير من مخططات الجماعة الإرهابية من خلال الحملات الأمنية اليومية وما يتحقق من نجاحات فى العملية الشاملة، إلا أن الارهاب ومن يموله يشكلون الخطر الحقيقى الذى سوف يتلاشى فى نهاية المطاف أمام الحق ووحدة الشعب المصرى وتمسكه بالقيم السمحة. علينا أن نتحلى بأقصى درجات الحيطة والحذر وعدم الاسترخاء أو الاستهانة بفترات السكون فى مواجهة الإرهابيين والخونة.