د بهاء حلمي يكتب: نحو استراتيجية جديدة لمواجهة الجانب المظلم للعولمة
في 22/10/2017م
نحو إستراتيجية جديدة لمواجهة الجانب المظلم للعولمة
لقد أزالت العولمة المسافات بين المجتمعات والعلاقات بين الناس على مستوى العالم، وأدت إلى دمج سكان العالم في مجتمع عالمي واحد من خلال شبكة المعلومات الدولية ومواقع التواصل الاجتماعي – ولها العديد من الآثار الايجابية على كافة مجالات ومناح الحياة على مستوى هذا العالم .
إلا أن سلبيات العولمة قد تكون في تفاقم مشكلة البطالة أو التأثير على الطبقات بالمجتمعات والتأثير على التنمية بالدول النامية في ضوء زيادة حدة المنافسة ونشر الثقافة والتنوع والأفلام التي قد تؤثر على القيم والمبادئ في مجتمعاتنا ..الخ.
إلا أن نشر الإرهاب واستخدام شبكة المعلومات الدولية في تعميق الكراهية وخلق عداء بين الحضارات والديانات تحت شعار حرية الرأي والتعبير والمعلومات يُعد أحد الجوانب المظلمة للعولمة التي تتطلب تضافر الجهود الصادقة من كل الدول لنشر قيم التسامح والإنسانية من خلال السيطرة علي المواقع التي تحرض على العنف والارهاب علي شبكة المعلومات الدولية..
وحيث أن ميثاق الأمم المتحدة ينص على أن ننقذ الأجيال القادمة من ويلات الحرب، وأن ندفع بالرقي الاجتماعي قدماً وأن نأخذ أنفسنا بالتسامح وأن نعيش معاً في سلام ، وأن نستخدم الإدارة الدولية في ترقية الشئون الاقتصادية والاجتماعية للشعوب جميعها .. الخ على عكس ما يتداول على شبكة الانترنت وخلاف لما ورد في ميثاق الأمم المتحدة أو المبادئ المتفق عليها من قبل شعوب وحكومات دول العالم الديمقراطية باعتبارها قيم حضارية وانسانية.
لذلك ندعو إلى إستراتيجية جديدة لإعادة هيكلة مضمون شبكة المعلومات الدولية تقوم على حجب كل ما يتعلق بالمساس أو الازدراء بالأديان أو يحض على التمييز والكراهية، أو يدعو لنشر ثقافة الإرهاب أو التحريض على المخدرات أو الجرائم وكل ما يبث بالمخالفة للقيم والمبادئ والأخلاق وحقوق الإنسان وفق معايير الأمم المتحدة لتجنب ازدواجية المعايير نظريا بدلاً من العشوائية والعبث الذي تشهده شبكة المعلومات الدولية.
إن ما ينفق من مليارات الدولارات على الحروب وتحالفات محاربة الارهاب والتطرف في سوريا أو في أي مكان آخر بالعالم، وما تستغرقه تلك الحروب من وقت وتدمير وتشريد للسكان الأصليين يفوق بمراحل تكلفة تنقية وإعادة هيكلة شبكة المعلومات الدولية من تلك الأفكار وبالتالي فيمكن حصر الارهاب ومواجهته واحتواءه.
ويُثار التساؤل عن سبب إصرار الولايات المتحدة الأمريكية وشركات التكنولوجيا والاتصالات الكبري على عدم اتخاذ خطوات فعالة لمنع بث الشر والتحريض على شبكة المعلومات الدولية لحماية الأبناء والاجيال القادمة ومستقبل هذا العالم وحماية الإنسانية.
أن التقاعس عن عقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب ووضع معايير ومحددات لما ينشر أو يتداول على شبكة المعلومات أمر ضروري ولامناص منه، ولابد من نشر وتداول كل ما هو مفيداً لنشر العلوم والمعرفة والإنسانية والقيم النبيلة للبشرية بدلاً من بث التحريض والقتل والإرهاب الذي يجب مواجهته للحفاظ على حقوق الإنسان وفقاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون والعرف الدوليين وما تفرضه علينا الأديان السماوية.
لماذا لم يتحد العالم وعلى رأسه أمريكا لمحاربة الفكر المتطرف والإرهاب على شبكة المعلومات الدولية وفي الفضاء المعلوماتي كإحدي وسائل مكافحة الارهاب بدلاً من إشعال الحروب وتوريد الأسلحة والمعدات للقتل والتدمير ليعمل الجميع في دائرة مغلقة تحت شعار “الحرب على الإرهاب”، أننا لا نسعى لمجتمع مثالي- وإن كان هذا يُعد حق أصيل لكل انسان على وجه الأرض- ولكننا نأمل في مجتمع افتراضي وواقعي إنساني دون الجانب المظلم للعولمة الذي بدا يخيم على الفضاء العالمي.