مصر تضع معايير جديدة لحقوق الانسان بالسجون
د بهاء حلمي يكتب:
تسير مصر بخطى متسارعة نحو اكتمال عناصر الجمهورية الجديدة. فتكشف لنا كل يوم عن افتتاح مشروع وطنى عملاق لم يعلن عنه من قبل أو إطلاق مبادرة رئاسية جديدة في مجال الرعاية الصحية أو الاجتماعية أو التعليمية أو الثقافية أو الرياضية.
تجاوز عدد المبادرات الرئاسية الـ 43 مبادرة بتكلفة مبدئية تجاوزت ال 620 مليار جنية بخلاف مشروعات البنية الاساسية والرقمية وتطوير التعليم وتوطين الصناعة والسياحة والاثار وغيرها من المجالات الاخري بهدف توفير حياة كريمة للانسان المصري والاجيال القادمة تحقيقا لشعار ” إرفع رأسك فوق انت مصري”.
إن إيمان وإصرار القيادة السياسية على مواجهة اسباب الفقر والجهل والمرض لبناء إنسان مصري يتمتع بصحة ويمتلك الإرادة وروح الانتماء للوطن والمواطنة والدافع نحو العمل والانتاج واضحة في كل الاعمال التى تتم على ارض الوطن والتى تتميز بأنها تتم وفق أخر ما وصل اليه العالم من حيث الكفاءة والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، وتأهيل العنصر البشري لتقديم أفضل خدمة للمواطن في مشهد يجسد أرقي معانى ومفاهيم حقوق الانسان.
منذ ايام قليلة تم افتتاح وتشغيل اكبر مركز للتأهيل والاصلاح على مستوى العالم بكل من وادى النطرون ومنطقة بدر ليس من حيث المساحة أو الانشاءات التى تضم أماكن لائقة لاقامة النزلاء ومراكز طببة للعلاج ومراكز للتأهيل المهنى وصقل مهاراتهم اليدوية والتصنيع والانتاج، وتخصيص اماكن للزيارة، واخري لممارسة الرياضة، وقاعات ومكتبات والتعرف على ما يدور بوسائل الاعلام المختلفة فحسب.
بل يضم كل مركز مجمع للمحاكم، إضافة للبرامج الحديثة الخاصة بتأهيل المحتجزين للاندماج في المجتمع.
إن هذا التحول في معاملة السجناء يحقق العديد من الاهداف على رأسها تطبيق اعلى معايير حقوق الانسان على أرض الواقع إضافة الى تحقيق كثير من الاهداف الامنية الاخري وحماية المجتمع.
كما ان اجراء المحاكمات داخل هذه المراكز يوفر الاعباء ومتطلبات تأمين عمليات نقل المتهمين من مواقع الاحتجاز الى المحاكم وسط المدن وإعادتهم، بما يحقق عوامل الامان ويوفر التكلفة المالية اللازمة لذلك، إضافة الى أن خروج السجون من المناطق المأهولة الى مناطق تتناسب مع طبيعة التأمين المطلوب وتوفير مساحات للتهوية الجيدة وممارسة الانشطة المختلفة أصبح ضرورة.
مما لا شك فيه ان هذا الاهتمام والتحول تجاه معاملة نزلاء السجون بشكل يحفظ ويصون الكرامة الانسانية واحترام حقوقهم بدء من تغيير مسمى السجن وتصحيح مفهومه الى مركز تأهيل وإصلاح هو أمر غير مسبوق على الصعيد الوطنى أو العالمي.
فالقواعد النموذجية لمعاملة السجناء “جنيف “1955، والمبادئ الاساسية المعتمدة من الجمعية العامة ديسمبر 1990 والوثائق الصادرة عن المفوضية السامية لحقوق الانسان فيما يتعلق بالسجناء لم تضع نظاما نموذجيا لمعاملة السجناء وإدارة السجون بل طلبت وضع خير المبادئ لمعاملتهم واكتفت بوضع إطرعامه كعدم التمييز ونظافة المكان وتقديم العلاج وممارسة حرية العبادة والرياضة والانشطة الثقافية وتعليمهم الحرف والعمل والانتاج وغيرها من المبادئ مع الإقرار بأن هذه القواعد ليس الغرض منها وضع نظام نموذجى للسجون.
وإذا نظرنا إلى حقوق الانسان في معتقل غوانتانامو مثلا وبين مراكز التأهيل والاصلاح الجديدة في مصر نجد أن الاخيرة قدمت نموذجا فريدا لمفهوم حقوق النزلاء وأهداف السياسة العقابية بما يجعل مصر على رأس قائمة الدول التى تعتني بحقوق الانسان في هذا الاتجاه.
لقد زار تلك المراكز عدد من اعضاء السلك الدبلوماسى ومنظمات حقوق الانسان ووسائل الاعلام الاجنبية والوطنية حيث أبدوا اعجابهم الشديد وأثار تساؤلاتهم حول كيفية وسرعة اتمام هذه المراكز على هذا النحو الراقي الذى ظهرت عليه وكثر استعمالهم لادوات الاستفهام( اين، وكيف، ومتى تم)؟
انها مناسبة لدعوة رئيس واعضاءالمفوضية السامية لحقوق الانسان بالامم المتحدة، والمنظمات الاقليمية الاخري لزيارة مراكز التأهيل المصرية، مع امكانية عمل منح وتبادل زيارات بغرض تدريب وتأهيل الاجانب العاملين في هذا المجال وخاصة الافارقة بمواقع تلك المراكز حتى تكون دراسة ميدانية على أرض الواقع مع المطالبة بإعتبار المعايير المصرية في المؤسسات العقابية بمثابة معايير عالمية جديدة يحتذى بها في مجال حقوق الانسان.