مصر تقود أكبر حملة للوعى المعلوماتي
د. بهاء حلمي يكتب:
إن تبنى مصر استراتيجية تطوير التعليم بعد احتلال المركز الاخير عالميا في جودة تعليم الابتدائي عام 2014م من بين (148دولة) تناولها تقرير التنافسية العالمى الصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمي حيث كان امرا حتميا مع إصرار وتوجه القيادة السياسية لجعل مصر في مصاف الدول المتقدمة عالمياً.
فقد أناط بوزير التعليم مسئولية تنفيذ تلك الاستراتيجية لما له من خبرات عالمية وفكر واستشراف للمستقبل حيث سبق وتولى منصب مدير مكتب اليونسكو الإقليمى للعلوم والتكنولوجيا فى الدول العربية واستاذأ في عدد من الجامعات الدولية الكبري، وحصل على العديد من الجوائز في مجال البحث العلمي كما قاد تنفيذ العديد من المشروعات حول العالم فى مجال تطبيقات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات فى التعليم والعلوم والثقافة.
وفي العام الجاري 2022م قفزت مصر إلى المركز 42 عالميا والمركز الثالث عربيا في مؤشر جودة التعليم، واعتبارها من أفضل 3 دول عالميًا في التعامل الالكترونى مع كورونا تعليميًا في 2020م. ولكن هذا ليس هو الهدف الرئيسى وانما كان نتيجة لاهتمام الدولة ورعايتها للتعليم.
وهنا يثار تشاؤل عن ماهية الاهداف الاستراتيجية لتطوير التعليم في مصر؟
إن هدف مصر من استراتيجية تطوير التعليم هو تنمية الوعى الرقمي (المعلوماتي) لدى الاطفال والشباب باعتبارهم مستقبل مصر وآمالها في أن تصبح من بين العشرة الكبار على مستوى العالم علميا وفكريا واقتصاديا كما هى أم الحضارات.
ولتحقيق تلك الاهداف فكان لابد من المضى قدماً لتنمية الوعى المعلوماتى للاطفال الصغار والشباب من خلال التدريب على كيفية استخدام أدوات المعلومات مثل (I paid – الحاسبات الآلية) بكفاءة من أجل حل المشكلات وصنع القرارات الناجزة.
لقد تحمل وزير التعليم والحكومة كثير من الانتقادات سواء من أولياء الامور والاهالي أو من أعداء الوطن بالخارج والداخل لمجرد محاولات تعميم ونشر اسلوب استخدام التابلت والتعامل الالكتروني الصحيح مع قواعد المعلومات والبحث والتطوير بغرض الابداع وتحقيق المكاسب المادية والعلمية والملكية الفكرية.
إن الحقيقة المؤكدة تكمن في أن تعامل اطفال مصر بالوسائل الالكترونية وتدريبهم على استخدامها إنما هو تدريب للتعامل مع المعلومات ومحو الامية الرقمية لدى الاجيال الجديدة من الابناء والشباب.
وبناء اشخاص قادرون على التحول من مستهدفين بالمعلومات إلى عقول جاهزة ومؤهلة للتفاعل مع المعلومات وتحويلها إلى ابتكارات مبدعة اعتمادا على المستخدم الماهر لادوات تلك التقنيات وتنمية القدرات على البحث وايجاد المعلومات وترجمتها إلى معان مفهومة لخلق افكار جديدة.
إن تنمية الوعى الرقمى والمعلوماتى لدى اطفالنا الصغار” شباب المستقبل” هو الامل والطموح على الرغم من انتقاد كثير من أولياء الامور لتلك السياسات.
اننا نعلم ان هذا الكلام قد لا يروق او يتوافق مع البعض، ولكن يتوجب علينا تناول الموضوع بالبحث والتدقيق من زوايا مختلفة لبيان الاهداف المستقبلية. وعلى رأسها توجه القيادة السياسية والحكومة لوضع مصر على أعلي منصة عالمية علميا واقتصاديا وفكريا ومعلوماتيا.
إن استخدام الاطفال للتابلت والحاسب الآلى انما هو تدريب على كيفية البحث العمى والمعلوماتى عن المناهج والموضوعات وتعلم طرق ومهارات الوعى المعلوماتي.
خير ما فعل وزير التعليم بتسهيل عملية مساعدة اولياء الامور لابناءهم في ابحاثهم على شبكة المعلومات الدولية حيث كان القصد ليس محو أمية الابناء فقط بل واولياء الامور أيضا.
اإن ممارسة الابناء لوسائل التكنولوجيا والتعامل مع البيانات يُعنى ببساطة رفع المقدرة على تصنيف المعلومات المطلوبة واختيارها، وتفسيرها وترجمتها إلى معرفة ووعي وفهم، وخلق افكار جديدة وتطويرها اضافة الى الاستعانة بأفكار الاخرين، واكتساب مهارات التحقق من صحة المعلومات وفرزها، ودقة تفسيرها، وحسن استخدامها وتنمية مهارات المشاريع البحثية للتحول الى مشروعات انتاجية تدر الربح والمكسب المادى والمعنوي للشخص والدولة على حد سواء.
ومن ثم فإن مصر تقود أكبر حملة للوعى المعلوماتي بما يتماشى مع فكر واداء واهداف الجمهورية الجديدة.