# # الأمن مسئولية جماعية # #

لم يعد تحقيق الأمن والطمأنينة في المجتمعات نتاج جهد أجهزة الامن لوحدها بل هو مسئولية جماعية لجهد متكامل وشمولى لكل الافراد والمؤسسات والهيئات والأجهزة والشركات  الحكومية والخاصة وكافة مكونات المجتمع المدنى.

إن النهوض بالوعى الأمنى للجمهور وفهم التحديات التي تواجه البلاد على الصعيد الخارجي والداخلي، والإلمام بطبيعة الحروب الجديدة التي تستهدف الدولة واستخدام مواقع التواصل الالكترونى في ترويج الإشاعات والاكاذيب لبث روح الإحباط والتشكيك في سياسات الحكومات بهدف للنيل من تماسك الجبهه الداخلية ومحاولة خلق بيئة مواتية لإعادة نشر الفوضى وتهديد كيان الدولة بات أمرا ضروريا.

إن  إدراك المواطن لمسئولياته وواجباته نحو مجتمعه وحماية الامن القومي بأنه التزام دستوري وقانونى وواجب وطنى وليس شعارات يتم ترديدها. أمرا حتميا لا مناص منه.

إن إضطلاع وزارت الثقافة، والتربية والتعليم، والتعليم العالي، والمؤسسات الدينية، والمجتمع المدنى، والاحزاب السياسية، والهيئة الوطنية للاعلام، والمؤسسات المختلفة التى تتبنى مناهج تنمية الوعى بتضمين تلك المناهج والبرامج محاضرات للتثقيف القانوني والأمني وتعريف المواطن بحقوقه وواجباته الدستورية نحو وطنه ومجتمعه واسرته وعمله هو أمر ضرورى وحتمي.

 إن تشجيع المواطنين على إبلاغ السلطات والاجهزة الامنية والرقابية بأية معلومات أو حوادث أو شواهد أو تحركات مشبوهة أو وقائع فساد مالى او اداري او تمويل ارهاب أو اندساس واختفاء عناصر إرهابية أو تحريض على العنف، أو تهديد الوحدة الوطنية يسهم في دعم جهود الشرطة في أداء رسالتها واجهاض المخططات العدائية والجرائم التى تعكر صفو الاستقرار بالمجتمع وتحافظ على المكتسبات والإنجازات المحققة.

وعلى الاجهزة الامنية والشرطية الاستمرار في تبنى حملات إعلامية واعلانية لتغيير الصورة الذهنية  لدي البعض عن دور الشرطة ومسئوليتها الدستورية في خدمة الشعب، بما يزيل أى مخاوف أو توجسات لدى الأفراد المبلغين عن اى جرائم أو وقائع فساد وضمان الحماية القانونية والأمنية لهم. وذلك لتشجيع وتعظيم دور المواطنين في حماية أمن الوطن.

وعلى جانب آخر فإن استنزاف جهود قوات الشرطة في أعباء وخدمات وتكليفات أمنية لا تخصها نتيجة عدم وعى بعض القيادات والمديرين عن مسئولياتهم في مجال الامن في بعض المؤسسات الخدمية وتقاعسهم عن دورهم في بناء منظومة أمنية خاصة بكل منظمة وتضمين استراتيجيتها لإدارة الازمات وخطط التأمين والاطفاء والاخلاء من خلال التعاقد مع شركات أمن خاصة أو الاعتماد على عناصر أمن بعد اعدادهم وتأهيلهم في المعاهد التدريبية المتخصصة للشرطة بما يحقق أهداف المنظمة وتحسين خدماتها. إسوة بالمتبع في البنوك.

 حيث ان الشرطة لا تختص بسد الثغرات الادارية والتنظيمية الناتجة عن سوء الإدارة بالمؤسسات الخدمية المختلفة. فيقع على عاتق قيادات ومديري المؤسسات والهيئات الخدمية المختلفة المتابعة الميدانية لأعمالهم وحل المشكلات القائمة والمتراكمة وتسريع وتيرة التحول الرقمي، وتنظيم الخدمات التى تقدمها مؤسساتهم للجمهور، وحسن معاملة كبار السن وأصحاب الهمم بما يحقق الرضا لدى جمهور المتعاملين دون القاء اعباء اضافية على اجهزة الامن دون مبرر مع اعتبار ان تأمين وتنظيم خدمات تلك الجهات أحدى عناصر تقييم الأداء لقياداتها.

فلا يوجد دولة في العالم تعتمد على الشرطة واجهزة الامن لتنظيم خدمات المصالح الحكومية إلا اذا كانت هناك معلومات أو تهديد أمنى يستدعى تواجدها مثل حالات إخلاء المناطق التى تضربها كوارث طبيعية أو توزيع المعونات على المتضررين وغيرها من الاعمال في حالات الضرورة أو أى تهديد النظام والامن العام وتأمين الممتلكات.

 فمن غير المعقول طلب خدمات شرطية لتنظيم المترددين على مكاتب البريد أو مكاتب الشهر العقاري أو مكاتب توثيق الخارجية، أو مكاتب التموين أو لتوزيع انابيب البوتجاز وغيرها لتنظيم المتعاملين مع تلك الجهات أوغيرها، وذلك لوجود خلل في أداء الإدارة ومسئوليتها عن تأمين انجاز خدماتها بجودة وسرعة.

لقد حان الوقت لترشيد خدمات الشرطة وعدم تحمليها بأعباء اضافية ملقاه على عاتقها منذ سنوات وتكليف كل مؤسسة بالنهوض بمسئوليتها عن أعمالها وتنظيم خدماتها.

إن ترشيد الخدمات الأمنية ورفع الخدمات النمطية الملقاه على عاتقها من جهات اخري دون مبررات أمنية، يتيح فرصة اكبر لتدريب عناصر قوات الشرطة ورفع الكفاءة البدنية والمهارية للارتقاء بمستوى الاداء الأمني، والحفاظ على الاستقرار الأمنى بالبلاد في ضوء الاستهداف الديمقراطي للدول الحرة في قراراتها والتى تسعى لتحقيق مصالح شعوبها دون إملاءات أو توجيه من أحد.

About Post Author