العنف في المجتمع ..إلى اين؟
د. بهاء حلمي يكتب:
تتصاعد ظاهرة العنف في المجتمع المصري بشكل مخيف، فكل يوم نفاجئ بخبر أو مقطع فيديوعلى مواقع التواصل الالكترونى لمشاهد اعتداء وبلطجة أو طعن وإراقة دماء تهز الوجدان وتستنزف الدموع، وتقرع اجراس الخطر.
إن تكرار سيناريو جرائم قتل اسر كاملة مثل حادث كفر الدوار، الاسماعيلية، البحيرة، حدائق الاهرام بالجيزة، الرحاب بالقاهرة الجديدة، ومقتل خمسة اشخاص في خلاف بين عائلتين وغيرها.
بجانب حوادث القاء الاشخاص من شرفات منازلهم كحادث قسم المنتزة بالاسكندرية، حادث السلام الذى راح ضحيته الفقيدة داليا، إضافة الى نماذج اعتداء بعض الخارجين على القانون على المواطنين وممارسة اعمال البلطجة مثل حادث الاعتداء على ضابط المقطم، سحل مواطن أمام المارة، الاعتداء على طالبة ووالدتها وشقيقتها من سيدة وابنتها وابن عمها امام مدرستها بمنطقة المعادى ومطاردتهم داخل المدرسة والاعتداء عليهن بعصا غليظة وكسر انف احداهن وكسر بالحوض مع نزيف بالعين في واقعة متداولة على مواقع التواصل بعنوان(سحل فتاة المعادى) أمر يدق ناقوس الخطر ، ويدعو للتساؤل إلى اين نحن ذاهبون؟
هل اصبح المجتمع ساحة للعنف والجريمة ؟ ما اسباب انتشار العنف؟ ما سبب العودة لجذور وممارسات العنف في العصر الحجري على حساب القيم الانسانية؟ أين دور الأزهر والكنيسة والإعلام والثقافة ومنظمات المجتمع المدني؟
متى يكبت المواطن شهوة نشر وتداول صور ومشاهد العنف على مواقع التواصل الالكتروني؟ وما هى العوامل التى اثرت على تصاعد وتيرة ووسائل العنف والقتل بدم بارد؟
هل تأثر المجتمع باحداث العنف في 2011 على نمط الجرائم في المجتمع المصري؟ وما تأثير البروبجندا والإعلام الداعشي وفوضى الفتاوى على ايديولوجية وقناعات المتطرفين واسلوب ارتكابهم لجرائم العنف ؟
ما تأثير العولمة وتكنولوجيا المعلومات على انتشار وسائل العنف والاعتياد على مشاهد الدم والقتل وانتهاك الانسانية؟
ما اسباب اثارة النزعة العدوانية والعنف لدى البعض؟ وما اثر الجهل والاحباط والفقر في فقدان الأمل وترسيخ روح الكراهية والعداء والانحراف عن المبادئ الدينية والقيم الاخلاقية؟
ما دور علماء ورجال الدين واساتذة الاجتماع والمفكرين والكتاب والمثقفين والادباء والشعراء والحكماء ….في مواجهة تصاعد وعلاج ظاهرة العنف بالمجتمع؟ متى تتوقف برامج التحريض على التمييز وإطلاق وصف الكفار الذى يحمل مدلولا جهادياً ضد الأخر؟
إن الموضوع لم يقتصر على العنف الاسري او العنف ضد المرأة او ضد الاطفال او عنف الشباب، كما أنه لم يًعد عنف لفظى او جسدى او نفسي فحسب بل طال كل شرائح المجتمع بثقافاته المختلفة على مستوى الجمهورية (محافظات -مراكز ومدن -قري وتوابعها ).
تتعدد وتتباين أسباب العنف وفقا لوجهة نظر الباحثين والمحللين وطبقا لقناعاتهم وانتمائهم، إلا ان الجميع يتفق حول الاثار والمردود السلبي لتلك الأفعال والجرائم المؤلمة على الصحة الجسدية والنفسية ومشاعر افراد المجتمع، وعلى الاخص الاطفال وانعكاس ذلك على سلوكهم.
إن العنف في المجتمع بات عاملا مؤثرا على المبادئ والقيم الدينية والمجتمعية ، كما انه يؤثر سلبا على التعايش السلمى والمواطنة وروح التسامح والتآخي ودرجات الامان والطمأنينة التى تميز أهل مصر المحروسة.
الأمر الذى يدعو الى أهمية النظر في تغليظ عقوبات البلطجة والعنف بالمجتمع مع تشديد العقوبة في حالة العود، سرعة انهاء اجراءات التقاضى للحكم في تلك الجرائم بما يحقق الردع العام والخاص، تعزيز جهود الشرطة لسرعة ضبط جرائم العنف والبلطجة بمجرد العلم بها فيما عدا الجرائم الأسرية التزاما بأحكام الدستور والقانون وللحفاظ على خصوصية ووحدة الاسرة، التنسيق والتعاون بين الجهات المختصة بمكافحة الجريمة، ورعاية الاحداث، ومكافحة المخدرات بالتعاون مع اساتذة الاجتماع بالجامعات المصرية وبمشاركة ممثلين المؤسسات الدينية والاعلام لعقد مؤتمرات وورش عمل على مستوى المحافظات المختلفة لدراسة الظاهرة والخروج برؤية قومية للحلول كونها ظاهرة تؤثر على الامن والاستقرار والاجيال القادمة. وللحديث بقية.