د. بهاء حلمي يكتب:ازمة الاسكان .. بين الحل وتحقيق الحلم
يبدو أن ازمة الاسكان فى طريقها للحل وتحقيق احلام ملايين المصريين بعد أن كانت من أعظم المشكلات على مدار عشرات السنين في مصر تمثلت اثارها في قلة المعروض وارتفاع قيمته بسبب اتباع الحكومات المتعاقبة لسياسات تميزية زادت من حدة الازمة مثل رفع قيمة الاراضى بالمزادات وخصخصة مشروعات مواد البناء واحتكار الحديد واضعاف دور التعاونيات مع زيادة البيروقراطية المقترنة بالفساد وظهور طبقات جديدة من اصحاب المصالح والمستفدين.
الامر الذى ادي الى سباق شركات الاستثمار والمطورين العقاريين للتوسع في بناء الاسكان الفاخر ذو المساحات الكبيرة داخل مجمعات سكنية فاخرة(كمبوند) وعرضها باسعار خيالية تفوق قدرات الكثير من الفئات ومتوسطى ومحدودى الدخل مع اتباع سياسات زيادة تلك الاسعار بشكل دوري لجذب اكبر عدد من المشترين لتحقيق اعلى معدلات من الارباح مع غياب الدولة وعدم قدرتها على توفير السكن الملائم للمواطنين وغير القادرين.
مما أدى الى لجوء الشباب للحلول الشخصية وزيادة رقعة العشوائيات مع تفاقم مشكلة الزيادة السكانية، وحاولت الدولة الترويج لنظام التمويل العقاري الا انه لم يحظى برضا المواطنين في ضوء الفكر السائد بين اوساط المجتمع حول افضلية الاستثمار في العقارات لما يتمتع به من امان وارباح حتى تفاقمت الازمة ووصل عدد الشقق المقفلة وغير المشغولة لما يزيد عن 12 مليون شقة تقريبا.
وتلاحظ اهتمام القيادة السياسية منذ تولي المسئولية بمشكلة الاسكان والعشوائيات، ورأينا افتتاحات العديد من الاحياء والمجتمعات العمرانية الجديدة كاملة المرافق والخدمات والتى تتميز بشكل حضاري لنقل العشوائيات الخطرة بالتزامن مع طرح العديد من مشروعات وزارة الاسكان في المحافظات مثل الاسكان الاجتماعي والمتوسط والمتميز، وتوج ذلك بفتح باب الاسكان بالعاصمة الادارية الجديدة الذى لاقى رواجا كبيرا بين المواطنين.
وتم الاعلان عن وحدات ابراج العلمين الجديدة المزودة باحدث وسائل الرفاهية والتى تطل على اجمل شواطئ العالم في نقله نوعية لشكل ومضمون وفكر الاسكان الفاخر والسياحي في مصر. في الوقت الذى يعانى فيه الاسكان الفاخر من الركود وبطئ حركة البيع والشراء لتتابع موجات الغلاء العالمي والمحلي وثقة المواطنين في المشروعات التى تطرحها الحكومة.
مما دفع الشركات الى طرح المشروعات الجديدة بزيادة فترات التقسيط وبدون مقدمات حجز والتوجه نحو المشاركة في المعارض بهدف انعاش حركة مبيعاتها مع تشجيع الحكومة لتلك الشركات لتصدير العقار أو بالاحري تسويقه بالخارج مع تعديل قواعد منح الاقامة للاجنبي الذى يتملك اى منها بالعملة الصعبة، ودعوة الحكومة لشركات الاستثمار العقاري والقطاع الخاص الى مشاركة القطاع العام لاقامة وحدات جديدة تتناسب مع غالبية فئات المجتمع من حيث المساحة والتكلفة وتحقق لهم هامش ربح معقول بدلا من الكساد الذي يخيم على سوق العقارات والذي سيطول امده وفقا لمؤشرات السوق وزيادة المعروض.
يمكن القول بانها المرة الاولى التى تمسك حكومة وطنية بزمام الامور في ازمة الاسكان بغرض حلها وانه لولا ركود الاسكان الفاخر ما امكن كبح جناح توحش اسعار العقارات، ولا نقصد أو نأمل في حدوث مثل هذا الركود في صناعة استحوذت على المليارات، ولكن يبدو ان حل ازمة الاسكان باتت وشيكة في ضوء انحسار الاسكان الفاخر.
ان الارباح التى جناها المطورين العقاريين تفوق احتياطي مصر من النقد الاجنبي ولا غبار في ذلك، ولكنه حان الوقت للتعاون مع القطاع العام والمساهمة في خطط الحكومة لتوفير الاسكان للشباب، ولا نقول التبرع او المساهمة وان كان امر واجب بل من خلال تخفيض اسعار وحدات المشروعات التى تعاني من الكساد بالتنازل عن جزء من الارباح علما بأن تصدير العقار لا يتوقف على الثمن او الاقامة فقط بل يتوقف على جهود وخطط الدولة لجذب الاستثمارات وتنمية السياحة وتطوير البنية التحتية وحل مشكلة المرور والعديد من المقومات الاخري.
وهنا يثار التساؤل عن مدي اصرار وقدرة الدولة على حل مشكلة الاسكان في مصر؟ هل بدى الحل يلوح في الافق؟ هل هناك ارادة سياسية صادقة لحل ازمة الاسكان في مصر؟ عل النتائج ابلغ اجابه في ضوء معدلات العمل والانجاز لبناء مصر الحديثة وخلق مستقبل مشرق للاجيال القادمة.