د.بهاء حلمي يكتب:السلام واللاعنف أقوى قوة في متناول البشرية
يحتفى العالم في الثاني من اكتوبر من كل عام باليوم الدولى للاعنف وفقا لقرار الجمعية العامة للامم المتحدة الصادر في يونيو 2007 بغرض نشر رسالة اللاعنف عن طريق التعليم وتوعية الجمهور والرغبة في تأمين ثقافة السلام والتسامح والتفاهم بين الناس والمجتمعات والدول المختلفة، ودلالة هذا التاريخ أنه تخليدا لميلاد المهاتما غاندى زعيم حركة استقلال الهند ورائد فلسفة واستراتيجية السلام واللاعنف التى كان يؤمن بها ويتبناها.
ومن اشهر اقواله أن اللاعنف هو اقوى قوة في متناول البشر وأعتى سلاح من أسلحة الدمار تم التوصل اليه من خلال ابداع الانسان.
ان فكر وفلسفة السلام التى تبناها غاندى في كفاحه ونضاله السلمى ضد الاحتلال الانجليزى ينطوى على رفض استخدام العنف في كافة الاحوال لتجنب الصراع واراقة الدماء واتباع طريق الحل السلمى لكل النزاعات والصراعات، فأصبحت حياة غاندي واسلوب كفاحه مصدر الهام لحركات اللاعنف على مستوى العالم واحترام الحقوق الانسانية كما كان نيلسون مانديلا أيضا نموذجا للتسامح والقيم الانسانية ونبذ العنف.
ويواكب الاحتفال الاممي بهذا اليوم احتفالا آخر وهو احتفال الامم المتحدة بأسبوع نزع السلاح والذي يتزامن مع الذكرى السنوية لتأسيس الامم المتحدة وتدعى فيه الدول إلى تسليط الضوء على خطر سباق التسلح وانتشاره والعمل على زيادة الوعي بأهمية نزع السلاح.
والعجيب أن من يستخدم العنف والارهاب، ومن ينسج ويخطط لاثارة النزاعات والصراعات بين الدول أو بين طوائف وفئات الشعب الواحد، ومن يمول الاطراف بالسلاح والاموال بهدف تحقيق اهداف سياسية أو ارباح مالية أو بهدف التقسيم والسيطرة لمواجهة قوى دولية أو اقليمية أو للسيطرة على الموارد وحجب التقدم والتكنولوجيا والرفاهية عن الأخر ينادون بالسلام ويعملون نقيضه- وما اكثرهم – وذلك في مواجهة القليل ممن يعمل من اجل نشر رسالة السلام والتسامح بين البشر. وهناك فرق بين من ينادى بتلك القيم السامية وبين من يعمل لتحقيقها.
إن حجم الارهاب والعنف وتوطين الصراعات والحروب بين الدول وبعضها أو محاولات هدم الدول من داخلها يفوق بكثير حجم الصراعات التي تحل بالسلام والتسامح، لان فكر الشر لا يجيد إلا نشر العنف والقتل والخراب واغتيال الآمال والأحلام، وكثيرا ما ينال اصحاب رسائل الدعوة التسامح طعنات من الغدر والجهل اعتقادا بأنه انهاء حياتهم سيقتل رسائل المحبة والسلام، ولا يعلمون انها مبادئ وقيم دينية سامية زرعها الله من اجل الانسانية.
فبالرغم من دعوات وعمل غاندى لنبذ العنف وقع ضحية العنف حين هاجمه متطرف هندوسي واطلق عليه الرصاص على خلفية دعواته للاغلبية الهندوسية باحترام حقوق الاقلية من المسلمين واعتبرتها بعض فئات الهندوس المتعصبة خيانة عظمى فقررت التخلص منه.
ولا يزال العنف يغطى مساحات شاسعة من العالم وعلى الأخص بلادنا العربية والافريقية التي دفعت ثمنا باهظا بسبب العنف والاحتلال ونهب الثروات وتكميم افواه شعوبها، ولم يصبح الشرق الاوسط اكثر المناطق توترا واضطرابا في العالم فحسب بل أضحى موطن توتر وصراع على مدار سنوات لدواعي كثيرة منها لأسباب جغرافية واقتصادية ووفرة الموارد الطبيعية والبترول ولحماية أمن ومستقبل اسرائيل.
إن صوت نداء السلام في مواجهة الحرب والارهاب والتوتر في منطقة الشرق الاوسط يكاد لا يسمع نظرا لشدة الصراعات وضجيج المقاتلات وصخب الولاءات ومقتل الابرياء وتهجير السكان، لقد شهدت دول المنطقة اكثر من 90 حربا ونزاعا وصراعا وثورة منذ الحرب العالمية حتى الان أثرت سلبا على الثروات البشرية والموارد الطبيعية وحرمت الشعوب من الحق في الحياة والتنمية والعيش بسلام وأمان كما شردت النساء والاطفال، والسؤال متي تنتهي المشكلة السورية ويعود اهلها لإعادة تعميرها ؟ متى تزول الظلمة عن الفكر المتطرف وينير السلام والتسامح عقولهم؟