د. بهاء حلمي يكتب:تطوير خدمات مصلحةالشهر العقاري بين الواقع والمأمول

منذ القرن الماضى ونسمع عن مشروعات لتطوير وميكنة مكاتب الشهر العقاري الذى يمثل نموذجا واقعيا لمنظومة البيروقراطية وتدنى مستوى الخدمة واسلوب المعاملة، كما يشكل رحلة العذاب التى يمكن ان يخوضها المصريين او الاجانب أجباراً ورضاءً بما يفرض عليهم من إجراءات او تعليمات قسرية على حد تعبير أحد المواطنين.
إن ميكنة اعمال وخدمات مصلحة الشهر العقاري والتوثيق التى يتم تطبيقها في بعض المكاتب في خطوة تأخرت كثيرا، تعتبر خطوة اولى في خطة ومسيرة التطوير المأمولة، كونها تساهم في الحصول على توكيل مقروء بدلا من الكتابة بخط اليد الذى كان يستحيل قراءة كلماته او حروفه إلا من خلال الاستعانة بخبير متخصص، ومن المنتظر امتداد اعمال الميكنة لباقي المكاتب وفق خطط الجهات المعنية بهذا الشأن الشأن.
إن ميكنة خدمات الشهر العقاري قد لا تؤدى الى تطوير حقيقي في اداء خدمات هذه المصلحة الهامة المناط بها تسجيل وتوثيق العقود والحقوق وفقا لمعايير التطوير والتحديث.
طالما لم يشمل التطوير كافة عناصر العمل الاساسية مثل اماكن ومواقع تلك المكاتب وإخراجها من نطاق الشقق السكنية واعادة النظر في الاثاثات والاجهزة وادوات العمل التى تساعد العاملين على اداء واجباتهم، واختيار مواقع ومساحات تستوعب المواطنين بشكل لائق مع توفير اماكن انتظار ودورات مياه بكل موقع بما يتناسب مع فكر انشاء العاصمة الادارية التى تعتمد على التقنيات الحديثة وتكنولوجيا المستقبل، والتى تعتبر نموذجا يجب ان يحتذى به في اي اعمال تطوير مستقبلية في اى مرفق عام يقدم خدمات للمواطنين والدولة على حد سواء.
لا يكتمل التطوير إلا برفع كفاءة اداء العنصر البشري من خلال التدريب والتثقيف واعادة التأهيل وتنمية القدرات لضمان احلال الفكر الوظيفي العتيق من نطاق وعباءة انماط العمل التقليدية التى تعتمد على السلبية ووضع المعوقات وتعطيل العمل إلى افاق اوسع قائم على الايجابية وتحطيم اصنام البيروقراطية بافكار جديدة وإصدار قرارات تحاكى فكر التطوير والحداثة.

إن الرؤية بالاكتفاء بتحديث التشريعات المنظمة للعمل قد لا تتناسب مع تطوير خدمات ومكاتب مصلحة الشهر العقاري.
إن التطوير الحقيقي يأتى من خلال المرور الميداني المفاجيء والدوري على مكاتب الشهر العقاري في المحافظات والمراكز والاحياء المختلفة للوقوف على دولاب العمل والدورة المستندية ومشاكل التطبيق ووالفكر السائد لدى العاملين في تنفيذ التعليمات، وذلك بغرض الوقوف على المشكلات وتحديدها على ارض الواقع، وقياس معدلات الانجاز والوقت المستغرق، وتقييم نتائج الميكنة لوضع خطط تطوي علمية مدروسة تتلائم مع متطلبات التحديث الرامية الى سرعة الانجاز وسد اى ثغرات امام اى محاولات لتعطيل العمل او التعسف في استغلال الوظيفة او اى محاولة للتزوير او الفساد.
الارتقاء بمستوى اداء العنصر البشري وتخصيص موحد زى خاص بهم اسوة بالبنوك او العاملين في الاستثمار يُعد احد العناصر الرئيسية للارتقاء بهذا المرفق الهام، اضافة الى اهمية تحديد احتياجات ومتطلبات التطوير من أطر واليات لتوحيد المفاهيم لدى العاملين على مستوى المصلحة، وتحديد المقومات المادية والاجرائية والتشريعية المطلوبة للتوافق مع محاور وابعاد التطوير الشامل، وذلك قبل اقتراح التعديلات التشريعية حتى تأتي تلك التعديلات مكملة ومتممة لخطوات التطوير والانجاز المنشود.
ان منظومة تقدير الرسوم ثم الوقوف في الطابور للسداد والحصول على ايصال وصورة كربونية منه ثم البحث عن اماكن لتصوير المستندات او النماذج يستغرق وقتا وتكلفة ومشقة غير مبرره على الاطلاق، انها رحلة صعبة تستطيع ان ترصد اثارها من خلال النظر الى وجود وملامح كل من يخوضها من المواطنين والاجانب.
لا يوجد ما يمنع من تقدير وتحصيل الرسوم والتصوير واتمام كل الاجراءات من خلال شباك واحد وفي خطوة واحدة بتزويد العاملين بأجهزة تعمل وفق انظمة الدفع الالكترونى وتحصيل الضرائب وغيرها، وطباعة النماذج مدونا عليها قيمة التمغة القانونية المستحقة.
أن خدمات مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ليست مهمة على مستوى الاشخاص الطبيعين والاعتباريين أو المصريين والاجانب فحسب بل تمثل وعاء هاما لتحصيل الضرائب والرسوم المقررة على العقود والتصرفات القانونية من كافة المتعاملين معها لصالح الدولة.
اضحى من المأمول ان يحظى كل مصري واجنبي بحقه في توفير مكان لائق باستقباله مع امكانية سداده ثمنا لهذه الخدمة المميزة، وان يتعامل وفق سياسة جديدة بما يتفق مع قواعد ومعطيات الرضا العام.

About Post Author