د. بهاء حلمي يكتب: استراتيجية مواجهة الحشود الالكترونية

تضطلع قوات انفاذ القانون في دول العالم المختلفة بمسئوليات حفظ النظام والامن العام وتوفير الامان والسلامة للحشود البشرية في المناسبات المختلفة سواء كانت في مناسبات قومية او دينية او رياضية او غيرها من التجمعات.
وتعمل هذه القوات على إعداد وتأهيل القوات المختصة بتأمين تلك الحشود مع التخطيط والتدريب على سيناريوهات وعمليات إدارة المخاطر والازمات الامنية التى يمكن ان تنجم عنها.
أما تناولى لمفهوم الحشد الالكتروني الذى اتعرض له بالتعريف في هذا المقال فيختلف عن الحشود البشرية من حيث طبيعته ووسائله وأدواته وحدود تأثيره والمستهدف منه، كما تختلف الجهات المعنية بالمواجهة واستراتيجيات التعامل مع ديناميكية حركة الحشد الالكتروني غير الملموس.
من المسلم به أن معركة السيطرة على الثورة الرقمية خرجت عن نطاق من ابتكرها بالاساس، لذلك اسست الدول المتقدمة الكترونيا جيوشا ومؤسسات ووحدات افتراضية تعمل على مدار الساعة في حالة تعبئة الكترونية دائمة استعدادا للدفاع عن النفس في مواجهة اى عدائيات، يتم استكشافها فيما تعرف بالحروب الالكترونية على مواقع التواصل. وغالبا ما تسبب هذه الهجمات شل الحياة والمؤسسات والخدمات المستهدفة في أى مجتمع يعتمد على الشبكة العنكبوتية.
مفاد ذلك أن ساحة المعركة التى يتم الحشد الالكتروني فيها هى مواقع التواصل، ووسائله كل الاجهزة المتصلة بالانترنت، وأدواته متعددة منها لمسة اصبع على(like & share) مما يجعل الفضاء السيبراني مفعم بالرسائل المرسلة لمن يريد التقاطها في اى بقعة على الارض في نفس لحظة الارسال.

أما المستهدف في هذه الحروب هو التأثيرعلى الفكر والحروب النفسية، وحرب الإشاعات والتضليل الفكري والتزييف العقلي للافراد لاصابتهم بالاحباط والتشكيك في نزاهة مؤسسات الدولة التى ينتمون اليها. أو الحشد لاى أمر اخر.
ويتأثر الحشد الالكترونى للرأى العام بالعقل الجمعي مما يزيد من حجم ومعدلات تأثره وتوجيهه بما ييسر عملية نقل الحشود الإلكترونية الى حشود على الارض.
وعلى الرغم من انه كثر الحديث عن حروب الاجيال، إلا اننا نحتاج الى استراتيجية جديدة وسريعة لمواجهة الحروب الالكترونية ليس في المجال الامنى أو الاقتصادي او الاجتماعي وغيرها من المجالات فحسب بل في مواجهة حروب الفكر وحشود الرأى العام وبث روح الشقاق والانقسام لإضعاف المجتمع ووحدته وهى من اخطر انواع التحديات كونها تتعامل مع العقل والوجدان تحت تأثير ظروف معينة.
وتنطوي استراتيجيات المواجهة على اعداد قوات متخصصة لها سمات وقدرات خاصة لمواجهة اعنف درجات الاستهداف والدهاء والعنف الالكترونى الذى يحظي بدعم تكنولوجي ومادي ومعنوى من جهات ودول راعية للارهاب تسعي لاستهداف المجتمع المصري وقيمه.
اتصور اهمية اعداد جيش الكتروني جنوده ليس من العسكريين او الامنيين فقط بل من المتخصص في كافة العلوم على ان يضم داخل تنظيماته ثلاث وحدات رئيسية الاولى هى وحدة الدفاع التى تضم عدد مناسب من المتخصصين في استكشاف مؤشرات الخطر الالكترونى ولها استخدام كافة وسائل الحماية المخطط لها مسبقا.
والوحدة الثانى هي عدد كاف من المستشارين والخبراء في تحليل وادارة المخاطر و الازمات، وإدارة الرأى العام والحشود الاليكترونية للوقاية من الازمات والتعامل معها وتطوراتها للسيطرة عليها.
والوحدة الثالثة أري تكوينها من مجموعة من المراهقين والشباب النابغين في مجال الالعاب الالكترونية وعلى الاخص من لديه مكنات للتعامل مع الفيروسات وتسخير كل الامكانات التى تتيح لهم الابتكار والإبداع غير المحدود.
إن الحشد الالكتروني للرأى العام هو أحد وسائل الحرب الالكترونية على مواقع التواصل التى تختلف عن كل من الحروب التقليدية واسلحتها وقواتها، وبالتالي فلابد من خروج ادارة وحدات الدفاع الالكترونى الوطنية من نطاق الاساليب التقليدية لاختلاف الفكر والمفاهيم والاساليب والادوات واللغة والسرعات. مع أهمية التنسيق التكامل بين كيانات المعلومات.
سبق وظهرت بعض الصفحات بمسمي الجيش الالكتروني إلا أنه لم يعثر علي أى أثر لها في مواجهة الحروب التى استهدفت الرأى العام خلال الفترة الماضية، يتوقع زيادة استهداف الوطن الكترونيا خلال الفترة المقبلة باشكال مختلفة، مما يحتم ضرورة الاستفادة من التجارب والمزيد من التوعية الثقافية وتنمية الوعي والتأكيد على الهوية.

About Post Author