د. بهاء حلمي يكتب: استعمال وسائل التواصل الاجتماعي اثناء القيادة.. خطر داهم (الجزء الاول1)
قالت بنت الثامنة عشر أن كل شئ حدث فجأة اثناء عودتها وصديقتها من رحلة خاصة لاحدى القري السياحية الى القاهرة لتشارك شقيقتها الاحتفال بعيد ميلادها، حيث اندفعت السيارة التى تقودها صديقتها باتجاه اليسار لتصطدم بالحواجز الاسمنتية بين الطريق والاتجاه الآخر اثناء انشغالها بالهاتف مما أدى الى انقلاب السيارة ونقلها للمستشفى ولا تعلم ما حدث لصديقتها قائدة المركبة.
وتبين ان الفتاة سائقة السيارة قد فارقت الحياة فورا تاركة هاتفها المحمول وعلى شاشته رسالة نصية تقول ” سنتقابل خلال ساعة في…”، إلا انها لم تستطيع تحديد المكان نظرا لوقوع الحادث قبل ان تكمل جملتها التى شغلتها عن عجلة القيادة وعدم انتباهها للطريق ومن ثم وقوع الحادث.
ربما لا توجد دراسات او احصائيات دقيقة حول عدد حوادث السيارات نتيجة الانشغال بالتليفون المحمول او استعماله في زيارات مواقع التواصل الالكتروني اثناء القيادة سواء كان على المستوى الوطني او الدولي إلا اننا نلقي الضوء على عدد من التقارير التي تشير الى مدى خطورة هذا الفعل.
كشفت الاحصائيات المعلنة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في تقرير النصف الأول من 2018 بأن السبب الرئيسي في حوادث السيارات في مصر هو العنصر البشري بنسبة 75.7% ، وتشير التقارير الى ان الخسائر البشرية الناتجة عن حوادث السيارات في مصر بلغت 17.7 الف حالة وفاة واصابة وان تكلفة الحوادث المالية بلغت 28.9 مليار جنية مصري في 2017م ولم يشير التقرير الى نوع السلوك المعيب او التصرفات البشرية الخاطئة التي أدت الى وقوع هذه الحوادث.
وعلى المستوى الدولي فتحذر منظمة الصحة العالمية من الحوادث المرورية التي تودى بحياة 1.35 مليون قتيل سنويا، وتشير المنظمة الى ان حوادث السير تودي بقتيل كل 24 ثانية في العالم، وان 48 % من حوادث المرور في العالم بين الأشخاص الذين يتراوح أعمارهم ما بين 15 إلى 44 عاما. وتزداد احتمالات تعرض الذكور لحوادث المرور مقارنة بالإناث وأن نحو ثلاثة أرباع (73%) الوفيات الناجمة عن حوادث المرور بين الشباب من الذكور الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً.
وارجعت المنظمة أسباب الحوادث لنقص إجراءات السلامة على الطرق، والقيادة تحت تأثير الكحول، وتعاطى المواد المخدرة، وعدم سلامة البُنى التحتية للطرق، وعدم استخدام الخوذات الواقية الخاصة بالدراجات النارية وأحزمة الأمان ووسائل تقييد الأطفال، والى الاسباب الفنية للمركبات التى بها خلل فنى، وعدم كفاية الرعاية اللاحقة للحوادث، وعدم كفاية إنفاذ قوانين المرور، وكذا لعدم الانتباه اثناء القيادة وهو موضوع المقال الذى نتناوله.
وتشير بعض الدراسات في احدى دول الاتحاد الأوربي بأن نحو 300 الف من اصل نحو 204 مليون حادث سير كل عام في المانيا سببها استعمال هاتف محمول وزيارة مواقع التواصل الاجتماعي اثناء القيادة، وخلصت نتائج الدراسة أيضا الى أن كثير من السائقين مصابون بإدمان استخدام تلك الوسائل، ويمارسون هواية التصوير بالهاتف ونشر الصور على صفحاتهم الشخصية وهم يجلسون خلف عجلة القيادة على سرعات مختلفة، وأن هذا قد يجري في بضع ثوانى لكنها تكون احيانا الحد الفاصل بين الحياة والموت.
والحقيقة أن الجميع يستطيع أن يرصد ويتابع تنامي ظاهرة استعمال الهاتف المحمول اثناء القيادة في الشوارع واثناء السيرفي الطرق الرئيسية والمحاور في مصر، فلم يقتصر الاستخدام على التحدث المباشر في الهواتف المحمولة دون استخدام سماعات فقط بل امتد الى قيام الكثير من سائقي السيارات بزيارة مواقع التواصل الاجتماعي وكتابة وتبادل الرسائل، والملاحظ انتشارهذه الظاهرة في شوارع القاهرة بين الشباب اسوة بكثير من دول العالم وهو ما يترتب عليه اخطار وعواقب وخيمة.
إن الانشغال باستعمال التليفون المحمول والتعامل مع مواقع التواصل اثناء القيادة يشتت الانتباه مما يؤدي في الغالب إلى اختلال القيادة ويمثل مصدراً متنامياً للقلق بشأن السلامة على الطرق. كما أن السائقون الذين يستخدمون الهواتف المحمولة، يتعرضون أكثر من غيرهم بأربعة أضعاف تقريباً لمخاطر حوادث المرور وفقا لتقارير منظمة الصحة العالمية.