د. بهاء حلمي يكتب: الامن – حقوق الانسان – التنمية المستدامة.. مفاهيم متعددة لهدف واحد
تختلف تعريفات الامن ولكنها تتفق في أن الأمن يعد من أهم مقومات حياة الانسان كونه ضرورة اساسية لكل جهد ونشاط بشري فهو يمثل قرين الانسان وشقيق حياته والشيء الذي لا يمكن للبشر العيش إلا في ظله فلا أمن بلا استقرار ولا حضارة بلا أمن.
وتختلف تقسيمات الامن من حيث التقسيم الجغرافي كالامن القومى اوالأقليمي او الدولى.
أو من حيث التقسيم الموضوعي كالأمن العام الذى يشمل”الامن الاقتصادي والامن السياسي والامن العسكري والامن الجنائي والامن الاجتماعي والامن السياحي والامن الغذائي والامن المائي وأمن الطاقة والامن الرياضي وغيره”
او كالامن الخاص الذى يشمل ” أمن الافراد وامن المنشآت وأمن المركبات ووسائل الانتقال وامن الوثائق والمعلومات وأمن وسائل الاتصال والامن الصناعي والسلامة والصحة المهنية والبيئة والحماية المدنية وغيرها.
أم من حيث التقسيم النفسي كالامن الشعوري المتمثل في اشباع الفرد والجماعة معنويا بالشعور بالأمن والطمأنينة والامان او كالأمن الاجرائي الذى يعتمد على الاجراءات والتدابير التي يتم اتخاذها لتحقيق الامن للفرد والمجتمع، ورد كل ما يتعرض له من تهديدات مختلفة. فلا يتحقق الأمن إلا في الحالة التي يكون فيها العقل الفردي والحس الجماعي خالياً من أي شعور بالتهديد للسلامة والاستقرار.
وبالتالى فالامان المقصود هنا هو توفير المسكن والعمل والطعام والتعلم والعلاج والحماية وحرية الاعتقاد والانتقال والتعبير وممارسة الشعائر الدينية والمساواة والحق في التنمية والمياة النظيفية، والبيئة والمناخ..الخ.
وبالنظر الى مفهوم حقوق الانسان وحرياته الاساسية يتبين انها هى الحقوق التي تهدف إلى ضمان وحماية معنى الإنسانية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهى ذاتها تلك الحقوق الطبيعية التى تولد مع الانسان وتكون لصيقه به.
مما يعنى أن الامن وحقوق الانسان وحرياته مفهوم لهدف واحد يتم تحقيقه بشكل متوازن في إطار المصلحة العامة للمجتمع.
أما أهداف التنمية المستدامة 2030 ومحاورها التى تتمثل في:القضاء على الفقر والجوع، الصحة والعلاج، التعليم الجيد،المساواة ،الطاقة النظيفة، العمل ونمو الاقتصاد، الصناعة والابتكار، مدن ومجتمعات محلية مستدامة، الاستهلاك والانتاج، العمل المناخى والحفاظ على الثروات والحياة تحت البحار، والحياة على البر والبيئة، السلام والعدل والمؤسسات القوية وغيرها من المحاور.
هي ذاتها عناصر الامان والامن الانسانى، كما انها من حقوق الانسان وحرياتة التى لا تتحقق إلا من خلال اقتصاد قوى وجيش وشرطة اقوى وفي ظل حكم ديمقراطي وسيادة القانون، ومؤسسات قوية ليست على الصعيد العسكرى والامنى فحسب بل بالسلطات المستقلة والمؤسسات الصناعية والإنتاجية والخدمية والتعليم والصحة وحقوق العمال وغيرها، وبناء رأس المال البشري للمستقبل، كما تتضمن كل الاجراءات التى تساهم في تحقيق اهداف التنمية المستدامة.
إن مفاهيم الامن وحقوق الانسان والتنمية المستدامة عناصر متلازمة أى خلل في احداها ينعكس سلبا على باقي العناصر، فالاستقرار وتطور اى عنصر منها ينعكس ايجابا على العنصرين الاخرين.
إن الامن والاستقرار والحكم الفعال وحقوق الانسان والسلام المستدام والتحرك الجماعى على المستوى الوطنى والدولى لمواجهة الارهاب وتعقب مصادر تمويله، ومكافحة الفساد والرشوة بكافة اشكالهما وصورهما هى محاور أساسية لتحقيق التنمية المنشودة.
ومن ثم فإن المحاولات العالمية أو الأممية لخلط المفاهيم وابتكار مصطلحات جديدة مع صبغها بصفات انسانية لخلق روح تربص وعداء بين الامن وحقوق الانسان ما هى إلا محاولات مغلوطة ومشوشة لها تأثير على الكثيرين.
إن الامن والسلام والعدل والوعى القومى ركائز اساسية لضمان حقوق الانسان وحرياته الاساسية كما انه ضمان لتحقيق التنمية المستدامة، فجميعها مفاهيم لهدف واحد محورها الانسان وامنه وحقوق ورفاهيته.