د. بهاء حلمي يكتب: امتداد عقد إيجار المسكن يخل بحق الملكية
قرر الدستور التزام الدولة بحماية الملكية بأنواعها الثلاثة سواء اكانت ملكية عامة أو ملكية خاصة أو ملكية تعاونية، وان الملكية الخاصة مصونة. وقرر القانون أن العقد هو شريعة المتعاقدين ويجب انتهاء عقد الايجار بانتهاء المدة المتفق عليها بين المؤجر والمستأجر، ولا يجوز امتداده إلا باتفاق جديد يقوم على التراضي بين الطرفين. وبالنسبة لعقود الايجار القديمة غير محددة المدة فقد أرست محكمة النقض مبدأ قانوني باعتبار المدة 59 عاما.
إلا المشرع المصري سبق وأصدر قانونا استثنائيا بامتداد عقد ايجار المساكن تلقائيا وعدم انتهاء عقد ايجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين اذا بقى فيها زوجه وأولاده أو أي من والديه الذين يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك واعتبره من النظام العام في ضوء ازمة الاسكان التي كانت تمر بها البلاد، مما عرف بتوريث عقد الايجار في اتجاه يخالف بالدستور والقانون على كافة الاصعدة.
وقد حاولت المحكمة الدستورية علاج ذلك العوار بالقضاء بوقف امتداد عقد الايجار للجيل الثالث(الاحفاد) في الوقائع التي تتم بعد تاريخ نشر حكمها الصادر في 2002م لتخفف من حدة مخالفة الدستور فيما عرف بعدم توريث ايجار الشقق.
إن قانون امتداد عقد ايجار المسكن في مصر يتعارض مع الدستور والقانون وينال من حق الملكية، اضافة الى ما تشهده المحاكم من واقع القضايا المثارة التى يختلط فيها من هو المقيم مع المستأجر حتى لو كان له محل اقامة اخر معلوم داخل البلاد أو خارجه، أضف الى ذلك ان القانون يعطى الحق لاثبات الاقامة لاى من الزوج أو الاولاد من الوالدين بكافة طرق الاثبات بما فيها البينة(شهادة الشهود) وقرائن الاحوال وفي الغالب ما يتضامن المستأجرون بالشهادة مع بعضهم ضد المالك ايا كان الوضع من منطلق انصر اخاك المستأجر في مواجهة الملاك الذين قد يتمتعون بصورة ذهنية معينة منذ ثورة يونيو 1952م. ويقع عبء الاثبات على المالك اذا أدعى غير ذلك.
مما يعنى أن مباشرة المالك لحق الملكية الخاصة به في أي عقار تم تأجير وحداته قديما يتمثل في تحمله تبعات ومسئوليات المالك مثل الضرائب مع امكانية توليه رئاسة اتحاد الشاغلين اذا رغب في ذلك، وعلى أحفاد المالك انتظار قضاء الله للتمتع بالحلم والسكن بعقار يحوزون حجية امتلاكهم لاى من شققه المؤجره للغير بغرض السكن.
لقد حصل عقد ايجار المسكن بحصانة كبيرة بعد اصباغه بطابع استثنائي عائلي وجماعي على الرغم من كونه عقدا مؤقتا وامتداده يخل بحق الملكية ويمس بمبدأ التضامن الاجتماعي، ولا عجب اذا امتلك المستأجر عدة عقارات أو مساكن يقوم بتأجيرها وفق القانون الجديد مع استمراره في العين المؤجرة لوالديه والتى آلت له بموجب احكام امتداد عقد الايجار.
وفي ضوء دولة القانون وتحقيق المساواة واعادة النظر في العمل بقوانين استثنائية بما يؤسس لدولة ديمقراطية حديثة تقوم على قواعد العدالة وعدم التميز وصون حق الملكية الخاصة تظهر مدى الحاجة لتدخل المشرع بتشريع متكامل يتلائم مع الظروف الاجتماعية ويتناسق مع القواعد المنظمة لعقد ايجار الاماكن غير المعده للسكن التي جاء بها القانون.