د.بهاء حلمي يكتب: حق المشاهد في الحماية الإعلامية
في مساء احد ايام سنة 2012 طلت علينا احد القنوات الفضائية ابان حكم الاخوان لتعلن عن حلقة نقاشية تحظي بأهمية خاصة بالنسبة للشعب المصري والعالم ليعرف الجميع حقيقة ما جري من مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في يناير 2011م على حد تعبيره، وذلك من خلال حلقة نقاشية بين ناشط سياسي وخبير أمني يناقشون فيها المعايير الدولية لاستخدام الشرطة للقوة، واسلوب اعادة هيكلة المؤسسة الأمنية.
واستعرض الخبير الامني في هذه الحلقة بعض أرقام القوانين والقرارات الوزارية المنظمة لحالات استخدام الشرطة للقوة وتسليح عناصرها، وحينئذ قاطعه محتدا الناشط السياسي بصوت جهوري يشير الى بعض الاوراق في يده زاعما انها صورة من القرارات المذكورة التي حصل عليها معلنا رقم وسنة الاصدار ثم تعالت الاصوات وانتهي البرنامج دون الحصول على معلومة مفيدة.
الامر المضحك المبكي أن كل ما أعلنه الخبير الامني وما أشار به الناشط السياسي من معلومات في ذلك التوقيت كان خاطئا ويخالف الحقيقة جملة وتفصيلا ويتعارض مع المستندات والقرارات التى كانت متاحة امامنا في ذلك الوقت.
وقد حاول البعض الاتصال بالبرنامج لتصحيح المفاهيم والمعلومات الخاطئة التي يقدمها كل منهم إلا ان مسئولي القناة الفضائية لم يسمحوا بهذا التصحيح وقتئذ.
في هذه الايام من تاريخ مصر سمعنا كثيرا عن النشطاء السياسيين والحقوقيين والاجتماعيين والنشطاء النسائيين اضافة للخبراء في شتى المجالات دون أن يكون لديهم مؤهلات عملية وعلمية وليس لديهم خبرات فيما يتحدثون عنه خصوصا في الامور السياسية والاقتصادية، فغابت الضوابط المهنية وتحول العمل الاعلامي الى فوضى متعمدة حتى جاءت ثورة يونيو 2013 ليعلن الشعب المصري كلمته وخطواته ليتوارى بعدها دور النشطاء ممن لا وظيفة لهم.
وجاء دستور مصر 2014 ليعلن عن الحقوق والحريات لكافة المواطنين وخضوع الجميع بما فيها الدولة ومؤسساتها لسيادة القانون،
والزم الدستور المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بتنظيم شئون الإعلام المسموع والمرئى ووضع الضوابط والمعايير الخاصة بالتزام وسائل الاعلام بأصول المهنة واخلاقياتها، وقرر الدستور بأن المعلومات والبيانات حق لكل مواطن وتلتزم الدولة بتوفيرها واتاحتها للمواطنين بشفافية.
وتم سن قانون الصحافة الذى يحظر على المؤسسات الاعلامية مخالفة الالتزامات الواردة في ميثاق الشرف المهنى، والالتزام باداب المهنة وتقاليدها وعدم انتهاك حقا من حقوق المواطنين، مع الزام كل الوسائل الاعلامية بتصحيح ما تم نشره أو بثه من معلومات خطأ.
كما تم اقرار قانون حماية المستهلك الذى حدد المستهلك بانه كل شخص يقدم اليه احد المننتجات أو الخدمات، وان المورد هو كل شخص يمارس نشاطا أو يقدم خدمة، والمعلن بانه الشخص الذي يعلن عن سلعة أو خدمة أو يروج لها بذاته أو بواسطة غيره باستخدام اي وسيلة اعلامية أو اعلانية أو رقمية.
إلا انه كثر الحديث والتعليقات على بعض مواقع التواصل الاجتماعي في الاونة الاخيرة عن عدم حصول بعض الخبراء ممن تم استضافتهم في الاعلام على مؤهل علمي أو خبرة تؤهلهم لابداء الرأي في موضوعات تمس المجتمع مما ينقل مفاهيم خاطئة.
وهنا يثار التساؤل عن ماهية المعايير التى يتم على أساسها اختيار ضيوف البرامج الاعلامية؟ هل اختيارات الضيوف وفق معايير مهنية ومن اتجاهات متعددة ومن اصحاب المؤهلات والخبرات في الموضوعات التى يناقشونها أم يتم الاستعانة بذوى القربي والمعارف بغرض الشهرة الزائفة ونشر السلوك السلبي بالمجتمع؟
إن قائمة مسميات الخبراء تتعاظم يوما بعد يوم وتختلط فيها برامج التوعية مع برامج الدعاية والاعلان فهناك خبراء الطاقة والتجميل والابراج والتنمية البشرية والنحت والاسنان والرياضة وكل المجالات ، والجميع يدلو دون أن يعرف المشاهد أو المستمع مهارات وقدرات ومؤهلات الخبير الذي يرشدهم.
مما لا شك فيه اننا لا نؤيد أى اعتراض على حق حرية الفكر، والرأى مكفول لكل انسان، ولا نؤيد فرض اى رقابة على وسائل الاعلام أو المساس باستقلالها، ولكنه من الضرورى الاهتمام بانتقاء الضيف المناسب التزاما بمسئولية الاعلام تجاه المجتمع حيث أن اختيار الضيوف بلا معايير واضحة يعد ضررا للمشاهد والمستمع ولا يقدم أى نفع.