د. بهاء حلمي يكتب: وجه جديد لتشجيع الكرة في مصر
إن قبول مصر استضافة وتنظيم بطولة كأس الامم الافريقية في زمن وجيز لعدم جاهزية الكاميرون ليس تحديا للوقت والزمن القصير المحدد لبدء البطولة فحسب بل هو تحديا للنفس ايضا في امكانية إنجاز المطلوب في اجمل وابهى صورة ممكنة.
وهو قرار استراتيجي يتماشي مع رئاسة مصر للاتحاد الافريقي وقدرتها على حل الازمات. فباتت فرصة للاعلان عن دور مصر وما تشهده من نهضة فكرية وتخطيطية وقدرات مؤهلة لانجاز المهام وفق المخطط له بدقة وحرفية.
لقد تعددت مكاسب مصر سواء من حيث مشاهدة العالم نموذجأ مصريا جديدا لروعة ودقة وتنظيم واخراج فاعليات البطولة التى بدأت بالحفل المبهر لإجراء القرعة بمنطقة الاهرامات، ثم انطلاق البطولة واقامة مبارياتها على استادات مجهزة وفقا للمعايير الدولية وقواعد الفيفا للامن والسلامة بالملاعب بعد تزويدها بالتكنولوجيا الحديثة مع وضع نظام جديد لبيع وتداول التذاكر المؤمنة.
بجانب تطوير العديد من المنشأت والفنادق ووسائل الانتقال والطرق الجديدة لتسيير حركة المرور للاستادات في وقت قياسي.
إضافة إلى المكاسب المادية والاقتصادية العائدة على السياحة، وتنمية الوعى لدي الشباب باهمية العمل التطوعي وتحفيزهم على المشاركة في العمل الجماعي بما يرسخ فكرة التطوع والعمل بروح الفريق في انجاز الاعمال المخططة إضافة الى انماء روح الولاء والانتماء لديهم.
ان هذا التنظيم الرائع للبطولة وسير احداثها وفعالياتها بشكل متميز في عدة محافظات في توقيت واحد يعبر عن واقع الامان والاستقرار الذى تعيشه مصر وهذا الامر له مردود ايجابي للغاية في الترويج للاستثمار وجذب المزيد من السياحة، كما يشير الى روح التحدي والاصرار التى يتمتع بها المصريين لبناء المستقبل ومواجهة الارهاب بكل صوره.
مما لا شكك فيه أن المكاسب والانجازات عديدة إلا ان تغيير وجه التشجيع في مصر يًعد احد اعظم المكاسب الامنية والاجتماعية والثقافية والحضارية والاقتصادية لمصر.
إن اعادة الاسرة المصرية بأفرادها من المراحل السنية المختلفة سواء كانوا اطفال أو من المراهقين أم الشباب بصحبة والديهم الى الملاعب يعتبر نقله نوعية ووجه حضاري جديد لتشجيع الكرة في الملاعب المصرية.
لقد سبق وشاهدنا احداث الشغب والعنف في الملاعب وخارجها على ايدى مجموعات من المتعصبين الذين تبنوا سلوكا خارجا على القانون، وحولوا الملاعب في وقت ما الى ساحات للقتل والحزن بدلا من المتعة والبهجة مما أدى الى عزوف الجمهور من المسالمين عن الذهاب للملاعب لمشاهدة الكرة ، إلا ان تطبيق سيادة القانون على كل من ارتكب جرائم قتل او تعدى على الارواح والممتلكات العامة او الخاصة وتهديد وترويع المواطنين كان له اثر فعال في وضع حد لهذا العنف.
ان تنظيم البطولة والاعلان عن نظم تداول التذاكر وتعريف الجماهير بالممنوعات والمحظورات والارشادات والاجراءات الامنية كانت عوامل جذب لاعادة الاسرة المصرية لملاعب الكرة بالشكل الجمالي والراقي للمجتمع المصري.
لقد شهدت دول العالم وجميع وفود وفرق الدول والاعلاميين والصحفيين المشاركين في البطولة وكذا الضيوف جمهورالكرة في مصر وصور الاسر المصرية في الملاعب وعلى مواقع التواصل الالكتروني يعبرون عن سعادتهم بالمشاركة في هذا العرس الرياضى مع ارتداء زى المنتخب الوطنى والتشجيع بحرارة مع الاغانى والاناشيد الراقية دون ان يسفر ذلك عن اصابة او مقتل اى شخص ودون ان يخشوا على حياتهم.
إن الواقع خير دليل على نجاح الاسرة والشباب المصري في الاستفادة من دروس الماضى، واصرارهم على فرض القيم والاخلاق المصرية على اسلوب التشجيع بالملاعب وخارجها من الان وصاعدا، أن الايمان بالتنافس الشريف ونبذ روح التعصب وعدم التمييز هي سمات وعادات وقيم المجتمع المصري التى لا تتبدل او تتغير مهما كانت التحديات.
ان مشاهد الشباب وهم ينظفون الاستادات بعد انتهاء المباريات نموذج يحتذى به، تحيا الاسرة المصرية بشبابها ومراهقيها واطفالها ، تحيا كل جهد مخلص في ادارة وبناء هذا الوطن، تحيا مصر.