شركات مواقع التواصل بلا ضوابط
د. بهاء حلمي يكتب :
سنت الولايات المتحدة الامريكية قانونا خاصا لحماية شركات مواقع التواصل فيما تقوم به من تداول ونشر الرسائل المختلفة ايا كان مضمونها على مستوى الفضاء الالكترونى الذى يغطي دول العالم المختلفة.
فنص قانون آداب الاتصالات الامريكي على عدم مسئولية شبكات التواصل بشكل عام عن المحتوى المنشور من قبل مستخدميها، مع حقها في الحجب لاغراض محافظة مثل إزالة محتوى العنف أو الدعارة أو الاسلوب المزعج.
واعتبر القانون الامريكي بعض وسائل التواصل الالكتروني(الاجتماعي) مثل تويتر كمنتديات وليس دور نشر، والهدف من ذلك توفير اقصى درجات الحماية القانونية دون اى حدود او ضوابط او معايير لسياسات وسلطات هذه المواقع التى تنامى دورها على صعيد السياسة الدولية، ونشر الفوضى في كثير من دول العالم بما فيها مصر تحت مسمى الربيع العربي.
إلا ان الخلاف الذى وقع بين ترامب وهذه الشبكات وتوقيعه على الامر التنفيذى بإلغاء بعض جوانب الحماية القانونية الممنوحة لشركات التواصل الاجتماعي فتح الباب لحق ملاحقتها قضائيا، كشف للعالم حجم وسلطات ونفوذ هذه الشركات على مستوى ادارة الاعلام والاحداث العالمية بعد سيطرتها على الفضاء الالكتروني.
الامر الذى يثير التساؤل عن حقيقة وطبيعة المعايير التى تتبعها هذه الشبكات؟ وما هى الممارسات الضارة والانتهاكات غير المسموح بها علي الفيسبوك مثلا؟ ومن هو المسئول عن وضع وتقوييم هذه المواقع واخلاقياتها؟
كثيرا ما يتم حجب بعض رسائل الاشخاص بدعوى مخالفتها للمعايير والقيم لمجتمع الفيسبوك مثلا دون ان نعرف ما هية هذه القيم، ومن المناط به وضعها وتعديلها وإصدار الأمر بحجب الرسائل؟
فإذا نظرنا الى دور الامم المتحدة نجد ان الشمس قد غابت عنها منذ سنوات طويلة، واصبحت اداة لتسويق مواقع التواصل عن طريق الانترنت بعد ان ضعف دورها امام مواقع التواصل التى يروج بعضها للتطرف العنيف والقتل وداعش وايران .. وغيرها من بعض التصرفات المنافية للقيم الدينية والانسانية والبشرية.
إن شبكات التواصل لها دور كبير في تحشيد الرأى العام علي المستوى المحلي والصعيد العالمي، إضافة لدورها في إدارة الصراعات الايديولوجية والعقائدية والمذهبية التى تجلت مع محتويات العنف المتطرف تحت مظلة التعبير عن الرأى.
بناء عليه أعدنا مراجعة القيم الاخلاقية لشبكات التواصل المنشورة على هذه المواقع فتبين انها عبارة عن معايير ابرزها انه يتم التعامل مع سوء الاستخدام وفق معايير المجتمع (مجتمع التواصل طبعا)، وانه يتم الاستناد على الملاحظات الواردة، ووفقا لنتائج الخبراء في مجالات مثل التكنولوجيا والسلامة العامة وحقوق الانسان لتقويم المحتوى.
وتتضمن هذه المعايير ايضا انه في حالة اتفاق البعض او اعتراضهم، وفي بعض الحالات يسمح للمحتوى الذى قد يخالف مجتمع الفيسبوك بهدف إذكاء الوعي العام.
وتعلن شبكات التواصل عن الاسس التى تستند عليها في التعبير عن الرأى وهى ( المصداقية- الأمان- الخصوصية – الكراكة)، وانه يحق لهذه الشبكات إزالة محتوى لا يحض على الكراهية لانه ينتهك سياسة اخري من سياساتهم دون ان نعرف ما هي هذه السياسات؟
إنه ليس تناقض او تعامل مزدوج لكنه أمر يشير الى مدى غطرسة وسيطرة هذه الشركات تحت غطاء قانونى امريكي لتسييد الاعلام العالمى بشكل يعلو سلطات وصلاحيات وميثاق المنظمة الأممية والقوانين الوطنية.
من وراء القيم الملونة لشبكات التواصل الاجتماعي، نتوقع ظهور شبكات جديدة مناهضة للشبكات الحالية وفاضحة للسلوكيات غير الاخلاقية، ربما يحدث توازن لصالح البشرية والانسانية وليس لصالح الارباح والتحكم في توجيه الرأى العام وتنفيذ مخططات التآمر ….