نمبر وان في مصر ؟
د. بهاء حلمي يكتب:
من هو (نمبر وان) في مصر؟… للتعرف على الاجابة علينا طرح بعض التساؤلات مثل: ما هى أركان الدولة وما هو تعريف مصطلح الشعب؟ وما المقصود بالمجتمع؟ وما هو دور الاسرة في المجتمع؟ وما هى الضوابط الدستورية والقانونية والاخلاقية والمجتمعية لترسيخ قيم الاسر المصرية؟
بداية تقوم أركان أى دولة على ثلاثة أركان أساسية هى:”الشعب، الاقليم/الوطن، السلطة السياسية”.
وفي علم الاجتماع والسياسة يعرف الشعب بأنه:(عدد من الأفراد يجمعهم إطار معيشى واحد من الثقافة والعادات ضمن مجتمع واحد على بقعة ارض معروفه).
والمجتمع هو عبارة عن: (مجموعة من الناس تربطهم روابط واضحة مثل اللغة أوالتاريخ أوالجنس أو القيم الدينية، ولهم مصالح مشتركة، ويعيشون على أرض ويخضعون لنظام سياسي معين).
أما الاسرة هى النواة الأولى لبناء المجتمع فهى من تغرس القيم الحميدة، والأخلاق والفضائل الحسنة وتشكيل وجدان ووعى الفرد، وتقوم بتحقيق القيم الاجتماعية والحفاظ على الأنساب، وتنمىة المهارات وتطوير القدرات الثقافية والسلوكية وتنمى روح الانتماء لدى النشئ والشباب جيل المستقبل.
وجاء الدستور المصري لحماىة أخلاق الاسرة والمجتمع وذلك بالنص على أن الاسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها.
ومن ثم فإن (نمبر وان) هو الاسرة والمجتمع المصري ومسئولية كل فرد من افراد الشعب تكمن في حماية الاسرة وقيمها باعتباره الشعب احد اركان الدولة.
إلا انه نشرت أحدى الصحف خبراً بعنوان:(رمضان يحضر فيلما جديدا بأسم “نمبر وان”)،ومن المتوقع أن يسير على نهجه وخطاه ومشاهده التى سبق وقدمها سواء في الأغنية التى تحمل نفس المسمى أو الشكل الذى ظهر عليه في افلامه ومسلسلاته التى تتميز باستعراض استخدام الاسلحة
والسيوف المحظور حيازتها قانونا، وارتدائه ملابس غير مناسبة والظهور بدونها في أحداث ومشاهد تعد تحريضا مباشراً على العنف والبلطجة والمخدرات، وتمثل خروجا صارخا وعلنيا على الاخلاق والقيم المجتمعية بالمخالفة لاحكام الدستور الذى قرر العقاب القانونى في حالة التحريض على العنف.
نعلم جميعا مدى تأثير الفن والموسيقى والافلام والمسلسلات التيلفزيونية في وجدان ابناء وشباب الاسرة والمجتمع ككل، لذلك نرجع زيادة سلوك العنف بالمجتمع الى مثل تلك الاغاني والافلام والمسلسلات التى تحرض على سياق مخالف للدستور والعرف والعادات والتقاليد والاخلاق وتؤثر على تماسك الاسرة والمجتمع.
وقد رأينا أثر ذلك في ارتكاب العديد من حوادث العنف والبلطجة في الشارع نذكر منها حادث قطع الرأس بمدينة الاسماعيلية حيث ظهر الجانى يحمل نفس الاسلحة ويتبع نفس اسلوب استعراض ترويع الناس اسوة بالمشاهد التى سبق وعرضها في تلك الافلام.
إننا نؤمن وندعم حرية الفكر والرأى والإبداع الفنى والأدبي، وندعو الجميع للالتزام بالمبادئ الدستورية وسيادة القانون التى تعنى خضوع الكافة للقانون سواء كان افرادا أو مؤسسات وهيئات ونقابات أم الدولة ذاتها.
وبالتالي يتعين على نقابة المهن السينمائية تحمل مسئوليتها بالإلتزام بأحكام الدستور والقانون وعدم التصريح لأى أفلام تخالف المبادئ الدستورية أو التى تسعى لفرض نماذج سلوكية تتنافي مع الاخلاق والقيم المجتمعية التى يجب ترسيخها.
ومن غير المقبول اعتبار البعض بأن التحريض على العنف فناً أوابداعاً أو حرية رأى أو الجمهور عايز كده، أو اعتبار اننا نناصر فرض الرقابة على تلك الاعمال أو الحريات لان هذه الاعمال تنطوى على افعال وتحريض للعنف ولهدم دور الاسرة والمجتمع وليس حرية او ابداع.
فيجب ان تكون حرية الفكر والرأى والابداع الفنى والأدبي منضبطًا وراقيا ولا يخالف الدستور والقانون أوالاخلاق أو الثقافة أو تشكيل الوعى أو المساس بأى جانب من جوانب الامن القومي وضرورة أن يحمل العمل السينمائي رسالة في مواجهة العنف وومناهضة البلطجة وليس لترويج استخدامها لحصول الافراد على حقوقهم لدي الغير بأساليب خارج القانون وتفشى الجرائم بالشارع المصري.
نذكر جميعا مدى الاقبال على مسلسل رأفت الهجان أو ليالي الحلمية والتفاف الاسرة المصرية حول تلك الاعمال مما أدى لخلو الشوارع من الناس وقتئذ حبا وحرصا على مشاهدتها.. وهناك فرق عظيم بين هذا وذاك.