د بهاء حلمي يكتب عودة تجارة الرقيق

تحتفي الأمم المتحدة واليونسكو بيوما عالميا لاحياء ذكري الاتجار بالرقيق الأسود وإلغائه في كل عام بهدف توثيق مأساة الاتجار بالرقيق في ذاكرة شعوب الأمم أيا كان شكله أو لونه وتدعو دول العالم لتنظيم فعاليات سنوية للنظر في الأسباب التاريخية لهذه المأساة وأساليبها وعواقبها وأهمية مواجهتها.

إلا أن الرق يتبدل ويظهر من جديد في أشكال معاصرة منها استعباد المدين والمحتاج، وبيع الأطفال واستغلالهم وتجنيدهم، والإتجار في النساء والفتيات لأغراض الجنس، وغيرها من وسائل الاتجار بالبشر والجريمة المنظمة، وجذوره تكمن في الجهل والتعصب والجشع.

إن العالم يشهد ازدهارا لنشاط تجارة الرق على ايدى بعض الدول والتنظيمات الإرهابية الموالية لها.

فباتت هذه الظاهرة أحد معالم القرن الحالي بعد ان سخرت امريكا بعض التنظيمات الارهابية في العراق وسوريا مع اطلاق مصطلح المقاتلين عليهم، وفتحت تركيا ذراعيها وقلبها لتنظيم داعش ونسائهم واطفالهم لاستخدامهم في اعمال عدائية ومطامع استعمارية قديمة مع محاولة الترويج لهم باعتبارهم من المرتزقة.

وهو المصلح الذى تبنته الخارجية الأمريكية في تصريحاتها مؤخرا، وهم في الحقيقة مجرمين يتم تسخيرهم لمصلحة تركيا ومؤيديها.

لقد شاهد العالم عمليات تجارة الرقيق والإتجار في النساء والفتيات لأغراض الجنس في أسواق عامة بمناطق داعش بالعراق وسوريا سواء للاستمتاع والترفيه عن اعضاء التنظيم، ولإعطائهم طاقة ايجابية لتحسين القتال في الميدان كما كانوا يقولون، إضافة الى أن انجاب اطفال لخلق اجيال وكوادرجديدة تقوم وتترعرع في ظل ايديولوجية هذا التنظيم.

وهناك العديد من المقاطع المصورة عن عمليات البيع  والشراء وتقييم  سعر كل امرأة او فتاة على مواقع التواصل الالكتروني إبان حكم داعش.

 وهى مشاهد كارثية ليست على المستوى الأخلاقى او الدينى فحسب بل على مستوى الانسانية جمعاء، ووصمة عار في جبين الدول التى تدعم وتمول تلك التنظيمات والمجموعات.

وهناك من استخدم التأثير المعنوي على النساء والفتيات بشعارات مثل جهاد النكاح وما شابه ذلك، كما فعل الاخوان وقياداتها النسائية للأسف الشديد.

فهناك تجنيد للاطفال لاستخدامهم في الحروب أو لتشغيلهم أو لاستغلالهم في التسول أو في تجارة الاعضاء استغلالا لظروف المعيشية او لدى فرارهم من مناطق النزاعات سعيا للآمان المفقود.

إن استغلال تركيا للتكفيريين والمجرمين وذويهم الفارين من العدالة، وايوائهم وتدريبهم بمعسكرات الجيش للدفع  بهم إلى ليبيا  تحت مسمى مرتزقة انما هو اتجارا بالرقيق على الرغم من تصنيفهم مجرمين.

لقد سبق لاردوغان العثمانى ابتزاز اوربا وهددها بترحيل الدواعش الأوربيين الى بلدانهم، وقام بنقل حشود من اللاجئين الى حدود اليونان واوربا.

إذا كانت العبودية متأصلة ضمن الثقافة في بعض بقاع العالم قديما، وتحتفي المنظمات الدولية بإلغاءها، في الوقت الذى اعادت فيه تركيا (عضو الاتحاد الأوربي) ظاهرة تجارة الرق بل وكرستها على المستوى الدولى ايضا في ظل صمت وتخاذل اممي واوربي تجاه تلك الجرائم.

والسؤال الذى يطرح نفسه كيف يسمح الاتحاد الأوربي بقيام احدى الدول اعضائه بتجارة الرقيق واستغلال المهاجرين والمهجرين، وتمويل الارهابيين بالمخالفة للمواثيق الأممية والاتفاقيات الدولية وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة.

 أين منظمة الامم المتحدة ؟ هل يجوز الاحتفاء بيوم عالمى لالغاء تجارة الرقيق في الوقت الذى تتبنى فيه تركيا تجارة الرقيق واستغلال البشر، إن عجز الاتحاد الاوربي والامم المتحدة في الدفاع عن القيم الأممية وخلق مناخ انساني وفقا لما تقره المواثيق الدولية وحقوق الانسان بعيدا عن هذا الايذاء وهذه الوحشية المتمثلة في الاتجار بالرقيق يعتبر شريكا في عودة تجارة الرقيق.

About Post Author