جواز سفر كورونا وحقوق الانسان

د. بهاء حلمي يكتب:

جريدة الفجر العدد الاسبوعى الصادر في 27 مايو 2021م:                        

جواز سفر كورونا وحقوق الانسان

اتفقت دول الاتحاد الاوربي على قواعد جديدة لإجراءات سفر واستقبال المسافرين من دول العالم المختلفة تحت نأثير التدابير الاحترازية للوقاية من فيروس “كوفيد 19”.

إذ يشترط وجوب حصول كل مسافر الى اى من دول الاتحاد الأوربي على جواز سفر كورونا الإلكترونى الذى اطلق عليه ( الجواز الأخضر).

يتضمن هذا الجواز تاريخ ونوع التطعيم، وبعض المعلومات الخاصة كسابقة الاصابة بالفيروس والشفاء منه والمضاعفات والحالة الصحية العامة.. وغيرها من البيانات الشخصية الاخري لكل مسافر.

وتضمن الاتفاق ايضا بجانب جواز سفر كورونا الموحد حرية اتخاذ الدول الاوربية ما تراه من إجراءات ضرورية أخري للوقاية من الفيروس دون الالتزام بمبدأ السياسة الموحدة لدول الاتحاد الاوربي، والسماح لكل دولة بوضع الاجراءات الوقائية اللازمة والخاصة بها كما تراها بجانب وثيقة السفر الالكترونية الموحدة، وذلك لعلاج الخلافات القائمة بينهم، وهذا الامر يذكرنا بالخلافات الاوربية العميقة الناشئة بشأن اللاجئين.

لقد اعلنت المفوضية الأوربية للشئون الداخلية ان جواز السفر الإلكترونى الخاص باللقاحات المضاده لكورونا التى حصل عليها المسافر والمعتمدة لدى دول الاتحاد الاوربي ستكون وفق اعتماد وكالة الادوية الأوربية التى اعتمدت اربعة لقاحات مضادة لفيروي كورونا وهي ( فايزر/بابو نتيك-موديرنا-استرازينكا-جونسون اند جونسون)، ولم تعتمد اللقاحين الصينى والروسي حتى الان رغما من موافقة منظمة الصحة العالمية علي تلك اللقاحات، وتعاقد اكثر من سبعين دولة من دول العالم على تلقيح مواطنيها بتلك اللقاحات.

مما يعنى رفض الدول الاوربية استقبال القادمين اليها من دول العالم المختلفة لعدم حصولهم على اللقاحات الامريكية أو الاوربية تحديدا، وأعادتهم الى الجهات القادمين منها.

يبدو ان عدم قبول اى دولة للقادمين اليها ممن لم يحصل على اى لقاح من اى نوع هو تمييز مقبول إلا أن سماح دول الاتحاد الاوربي بدخول اشخاص معينين ممن حصلوا على تطعيم او لقاح بعينه  لاراضيها دون غيرهم، يُعد أداة للتمييز العنصري الواضح والمعلن، وانتهاك لميثاق الامم المتحدة ومواثيق واتفاقيات وصكوك حقوق الانسان وعلى رأسها الميثاق الاوربي.

اضف الى ذلك أن دول الاتحاد الأوربي تضع صحة الانسان وحمايته من الامراض ضمن قائمة التجارة المشروعة التى تتربح منها شركات غربية بعينها دون اكتراث بأى مبادئ او قيم انسانية. كما انها ترسخ للحد من حرية انتقال الانسان من مكان لإخر بشكل تمييزى وعنصري.

ألم يكتفي الغرب بممارسة سياسيات حرمان سكان الارض من الفقراء والمرضى من اللقاحات التى قد تحمي الانسانية من الهلاك في الوقت الذى يدعون فيه حماية حقوق الانسان والدفاع عنها…. أى حقوق انسان يتحدثون عنها؟

إن العدالة والانسانية تقضى ضرورة الأخذ بما يصدر عن منظمة الصحة العالمية سواء كانت من ناحية اللقاحات المعتمدة ام من ناحية الارشادات وتعليمات السفر والانتقال بين البلاد المختلفة.

على الغرب إعادة النظر في تغيير النهج العنصري والالتزام بالعمل بما يتوافق مع ميثاق المنظمة الأممية وحقوق الانسان وعدم التمييز العنصري بسبب الدين او العرق او اللون او اى سبب اخر كالتطعيم بنوع محدد من اللقاح دون غيره من اللقاحات.

يثار التساؤل هل سيتم منع الدبلوماسيين وبعثات الدول المختلفة والمستثمرين والسياح الاجانب ممن حصلوا على لقاحات صينية او روسية من دخول اراضى الدول الاوربية في الوقت الذى تحتاج فيه الاخيرؤة الى تحقيق نمو وانتعاش اقتصادي ورواج سياحى وفتح افاق جديدة للتنمية الاقتصادية.

إن سياسات التمييز والعنصرية ستسقط.. وسوف تتغير موازين القوى في العالم لا محالة.

About Post Author