د. بهاء حلمى يكتب: «داعش» ينفذ خطط لعبة call of duty العسكرية الشهيرة

الجمعة 18/مارس/2016 م.
تعد لعبة call of duty العسكرية الشهيرة على الإنترنت والبلاى ستيشن التى صدرت منذ أكثر من بضع سنوات، وآخر إصداراتها فى 2012 حقلاً خصبًا لخلاصة العمليات العسكرية والتخطيط والتنفيذ الجيد للمعارك التى تحاكى واقع الحروب والقتال فى دول الشرق الأوسط، وذلك بهدف تحقيق الانتصارات فى جميع الأجواء وكل الظروف.
فقد برع ديف أنتونى.. إنجليزى الأصل – مخرج وكاتب اللعبة «نداء الواجب» الأمريكية الشهيرة التى حققت نجاحًا غير مسبوق فى عالم الألعاب – فى تصميم هذه اللعبة المعروفة بالخيال المبنى على ما يحدث على أرض المعارك من أعمال قتل وحشى وتدمير شامل.
فاستطاع أن تضم اللعبة العديد من السيناريوهات الأمنية المستقبلية من خلال قدرته على التنبوء بمستقبل الحروب فى ضوء الاستفادة من الدروس والتجارب السابقة والمعارك التى خاضها الجنود الأمريكيون وأعضاء فرق السوات التى صممت لعمليات فى أفغانستان والعراق، مما جعل اللعبة بمثابة خريطة مستقبل للحروب فى شكل فيلم خيالى علمى.
وتضم اللعبة الخطط الحربية وتحركات الجنود فى الأجواء المختلفة من حيث الجو ودرجات الحرارة وكيفية السيطرة على البشر أو من حيث طبيعة الأرض والأنهار والمناطق الجبلية الوعرة.
وتعتمد اللعبة على التخطيط والتنفيذ الجيد من خلال التعاون الوثيق بين الفرق أو الأتيام «المجموعات»، وأن تكون الأعمال الفردية فى التفجير الانتحارى فقط، كما تتناول كيفية التحرك والمهارة فى الميدان واستخدام طبيعة الأرض، والاستخدام الأمثل للعربات الصغيرة والخفيفة بعد تزويدها بالمدافع، والتعاون بين المجموعات الأرضية والمشاة والتمشيط، وبين القوات فى الجو أو البحر، وتنسيق التعاون وتطعيم المعركة.
كما تضم اللعبة أساليب الردار والرصد والتسجيل والتصوير، والهبوط والانزال من الطائرات على المواقع، وحفر الانفاق مع بث الأخبار والصور بوسائل الإعلام المختلفة.
واللافت للنظر أن ما يميز هذه اللعبة فى إصدارها الجديد أنه يضم أساليب الإعدام والذبح التى يتبعها داعش، إضافة إلى الشنق والتعليق من الأرجل والتعذيب الذى يمارسه الجنود فى اللعبة، كما أنها تضم أحدث وأدق أنواع الأسلحة والقنص والتجهيزات والمناظير الليلية الدقيقة.
كل هذا دعا مركز أتلانتيك الأمريكى لصناعة القرار لضم مصمم اللعبة له، ويعتبر المركز مخططًا استراتيجيًا هامًا للعديد من الحروب جميعها فى عالم الألعاب الافتراضى.
وأنشئ هذا المركز فى 1960 ويركز على شئون دول حلف الناتو ويمثل إلى حد كبير السياسة الخارجية الأمريكية، ومن بين أعضائه السابقين والحاليين هنرى كسنجر، وكونداليزا رايس، وتشاك هيجل «إلى جانب العديد من أعضاء حكومة باراك أوباما، وعقد المركز عدة ندوات تحدث فيها أنتونى حول مستقبل الحروب فى العالم ورؤيته بناء على تصميم تلك اللعبة.
وقد وضعت اللعبة شكلاً للحروب الباردة القادمة التى توقعها مصممها أن تكون بين الصين وأمريكا فى عام 2025، بالاعتماد على الحرب الإلكترونية باستخدام طائرات متناهية الصغر فى حجم الحشرات لديها إمكانية التعرف على الوجوه والتطور فى مجال الذكاء الاصطناعى، وهذا التخيل يشير إلى شكل الحروب القادمة من خلال الحروب الافتراضية التى تعتمد على شبكة المعومات واستخدام الأسلحة المعلوماتية وصعوبة التصدى لهذه الحروب مستقبلاً إلا إذا تم الإعداد لها من الآن.. ويلاحظ التطور الهائل والفكر الذى يتحلى به عناصر داعش من حيث المستوى الثقافى والتعليم والإلمام بالتعامل التقنى على الحاسوب وشبكات التواصل الاجتماعى، والتصوير والإبداع فى الإخراج لإرسال رسالته للعالم والشباب، وتأثيره اللامحدود، وذلك لم يأت من فراغ بل بالتدريب والتواصل والسيناريوهات والمباريات التى يعقدها عناصر داعش مع بعضهم أو مع آخرين على شبكة الإنترنت والمشاركين فى مثل تلك المباريات والتى يرسلون من خلالها أيضًا.. كما تلاحظ كفاءة التنفيذ وإدارة العمل الميدانى بشكل يبدو فيه حرفية مع تحديد دور كل عنصر منهم، وأن غالبية عناصر داعش يرتدون الزى العسكرى وأحدث التجهيزات وفقًا لعناصر اللعبة المشهورة.
إن أكثر ما يشد الاهتمام فى هذه اللعبة هو العنصرية الشديدة التى تضع الجنود الأمريكان البيض فى مواجهة الأجانب من غير البيض والشيوعيين والعرب.
إن هذا الأمر وإن بدا للبعض أنه غير مؤثر، فعلينا مراجعة فيلم «اضطراب الأمريكى» الذى تم إنتاجه عام 97 وتنبأ باختطاف طائرات واستخدامها فى عمليات إرهابية كما حدث فى سبتمبر 2011.. إضافة إلى ذلك فهناك إقبال شديد من جنود الجيش الأمريكى لاستخدام اللعبة ليس للتسلية فحسب، بل لتحسين وتطوير مهارات التواصل كفريق والمساهمة فى كيفية إنقاذ أرواح عناصرهم.
وقد أشار تقرير للبى بى سى أن رسائل الدعاية التى يطلقها تنظيم الدولة الإسلامية لتجنيد المقاتلين هي التأكيد علي أن القتال إلي جانب الدولة الإسلامية أكثر إمتاعًا من لعبة «نداء الواجب الأمريكية»، كما أشار أحد التقارير فى جريدة النيويورك تايمز إلى أن الفيديوهات الدعائية للتنظيم تظهر تأثره باللعبة إلى حد كبير وإننا نرى أن خيال ووهم داعش أكبر بكثير من قوته الحقيقية ولكنه هو الدافع وراء انتشار أخبارهم بجميع بقاع العالم.

About Post Author