د بهاء حلمي يكتب: الاستثمار الرياضى وأفاق المستقبل
في 30/8/2018م.
الاستثمار الرياضي وآفاق المستقبل
لم تعد الرياضة مجرد أنشطة رياضية تمارس بغرض اللياقة البدنية والصحة والوقاية من الامراض، أو بغرض المشاهدة للترويح عن النفس والتمتع بفنونها فحسب بل سيقتنا دول العالم في الاستفادة منها سواء كان على الصعيد الوطني أم الدولي لترسيخ روح الولاء والانتماء لدى المواطنين والمشجعين والتوحد حول راية الوطن أم من حيث العوائد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بما ساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية بتلك البلدان وارتفاع مستوى الرياضة وخلق نجوم تحظى بشعبية وجماهيرية وقيم مالية عالمية بفعل تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات مما ادى الى فتح المجال لدخول شركات عملاقة متعددة الجنسيات ومستثمرين كبار يضخون الأموال في الاستثمارات في الاندية الرياضية وعلى الاخص في مجال كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية الاولى على مستوى العالم لتحقيق الارباح والشهرة مع خلق قيمة مضافة للأندية المستثمر فيها على مستوى البورصات العالمية.
صحيح أنه تم تعديل قانون الرياضة القديم الذى كان يمثل حجر عثره امام الاستثمار الرياضي في مصر حيث كان يعتبر الاندية الرياضية مؤسسات غير هادفة للربح تعتمد على دعم الدولة على الرغم من الطبيعة الاستثمارية التي تتمتع بها عناصر صناعة الرياضة على مستوى العالم.
إلا ان الاستثمار الرياضي في الشركات التي تضم أندية وفرق مصرية في بداية الطريق يساير حداثة قانون الرياضة الجديد – باستثناء عدد محدود للغاية من الاندية الخاصة- ليسمح القانون بتأسيس شركات مساهمة لمزاولة أعمال الخدمات الرياضية بجميع أنواعها مع امكانية طرح اسهمها في اكتتاب عام وقيدها في بورصة الاوراق المالية.
ويبدو أن هناك تخوف لدى البعض من الاستثمار والاستحواذ على بعض الاندية وفرقها الرياضية من قبل مستثمرين عرب أو اجانب في ضوء الصورة الذهنية غير الطيبة عن الخصخصة التي تمت في عهد سابق، والبعض الاخر يقاوم هذا التغيير لمصالح خاصه أو لغرض الحفاظ على بعض الوظائف التقليدية، ويرغب أخرون في التمسك والبقاء على رأس الاندية كواجهة اجتماعية أو للتحكم في سياساتها بشكلها ووضعها الحالي.
ان الواقع يشير إلى أن الاستثمار والادارة الجيدة هما عماد تقدم المؤسسات والاندية الرياضية، والسبيل لتحقيق نهضة اقتصادية ورياضية كبري على كافة المستويات على الرغم من رأي البعض بان الاستثمار الرياضي لم يكتشف بعد.
ان الاستثمار الرياضى بمجالاته المتعددة وواستثماراته الضخمة التى يزيد بعضها عن حجم الاحتياطى النقدى لاكثر من دولة معروفا منذ زمن على مستوى العالم، إلا اننا تأخرنا في طرق هذا الباب مثل نهجنا في كثير من الامور التى نطمع في اجتيازها لنبدأ ممن حيث انتهى الاخرون.
مما لاشك فيه ان تجارب الدول التي سبقتنا في هذا الاطار سواء كانت اوربية او عربية ماثلة امامنا، وتعمل وفق قواعد وضوابط وطنية حاكمة وتتميز بادارة وكفاءة تحاكى الانظمة الدولية وقواعد الفيفا والعولمة. ولابد من الاستفادة من تلك التجارب بمشاركة الشباب وافساح المجال امامهم للابداع والابتكار والاستفادة من الادارة الحديثة والتسويق الرياضى القائم على المعرفة والعلم.
لقد شاهدنا حقوق البث التى تقدر بمليارات الدولارات والتي نتوقع تغيير قواعدها خلال العامين القادمين في ضوء سيطرة دول الخليج وخاصة الامارات العربية على بعض الاندية التي تحظى بشهرة عالمية في مجال كرة القدم، وهناك استثمارات في تصنيع المنتجات والادوات والملابس الرياضية، وخلق سوق عالمي لأسعار اللاعبين والنجوم، وهناك الارباح من الشركات الراعية والفوائد التي تعود عليها مثل شركات طيران الخليج وغيرها والتي تحظى بشهرة واسعة الان، إضافة الى ذلك علينا النظر الى ما يمكن أن يحققه الاستثمار في الاندية المصرية وانعكاس ذلك ايجابيا على مستوى الإدارة والرياضة والتعرف على أسس ودعائم صناعة البطل مما يفسح المجال لتكوين منتخب وطني يحاكى وينافس المنتخبات المصنفة عالميا الامر الذي يبدو أنه سيتحقق خلال المستقبل القريب طالما صحت القلوب وخلصت النوايا نحو دفع الاستثمار الرياضى للامام والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والنهوض بالرياضة المصرية على الصعيد الدولي.