د بهاء حلمي يكتب: التعليم عن بُعد أحد مكاسب الحظر
إن في الازمة فرصة وفقا لمصطلح الازمة في اللغة الصينية الذي يتكون من كلمتين (JI-WET ) الكلمة الاولي تعنى الخطر أما الثانية فتعنى الفرصة التى يمكن استثمارها من هذا الخطر.
ومن هنا يمكنا القول بأن أزمة كورنا وما واكبها من حظر لغالبية سكان دول العالم بالمنازل ومن بينها مصر بطبيعة الحال، وعلى الرغم من الآثار السلبية والخسائر البشرية، وتوقف عمليات الانتاج وتعطيل الاعمال وزيادة البطالة، والتأثير المباشر على دخل ومعيشة الناس، وإغلاق المدارس والجامعات والمعاهد في ضوء حظر التجمعات باشكالها المختلفة وغيرها من الاثار المادية التى انعكست سلبا على الوضع الاقتصادي في جميع دول العالم.
إلا انه هناك جانب مضئ في هذه الازمة ألا وهو خلق بيئة مناسبة لاستغلال فترة الحظر في تأهيل وتدريب الطلاب بالمراحل التعليمية المختلفة سواء كانوا في مرحلة التعليم الأساسي أو الثانوي أم التعليم الجامعى علي مهارات التعليم عن بُعد.
لقد واجه وزير التعليم حربا وحملة مضادة علي مواقع التواصل الاجتماعي من اشخاص وجهات مختلفة بمساعدة الإشاعات التى تروجها ماكينة الجماعة الارهابية، واصحاب المصالح من المستفدين من منظومة التعليم سواء كانوا من المشرفين على لجان الادارة او التسكين واختيار لجان الامتحانات والكنترول.
أم كانوا من مافيا طباعة الكتب المدرسية، واصحاب الكتب الخارجية وأوليا الأمور وغيرهم من المتأثرين بما يروج من مغالطات أوتحت تأثير مقاومة التغيير ليشكلوا حائط صد لإلغاء نظام التعامل بالتابلت والبقاء على الاسلوب القديم الذى وصل بنا إلى قاع قوائم الترتيب العالمي في التعليم.
على الرغم بأن نظام التابلت يستهدف الانتقال السهل بالطالب والمعلم من الاسلوب التقليدي الذى يعتمد على الكتب الورقية النمطية الثقيلة في موضوعاتها واسلوبها ووزنها الى التدريب على التكنولوجيا والتعليم عن بُعد مع الاستفادة من بنك المعرفة.
وبعد أن اجبرت أزمة كورونا اكثر من 849 مليون طفل وشاب ممن تأثروا بإغلاق المدارس والجامعات في 113 دولة وفقا لإحصائيات منظمة اليونيسكو علي اللجوء إلى التعليم عن بُعد اعتمادا علي البنية الاساسية للاتصالات وثقافة التعامل مع التكنولوجيا الحديثة فكان التطبيق في مصر لا مناص منه.
ومن حسن الطالع كانت يد القيادة السياسية والحكومة المصرية سباقة في تطوير منظومة وشبكات الاتصال من منطلق الايمان بأن الاستثمار في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يعتبر أحد الاستثمارات الواعدة حاليا ومستقبلا مما كان له الاثر الإيجابي في كفاءة الاتصالات على الصعيد الوطنى، وتحمل عبء كثافة التشغيل الناتج عن تفاعل المصريون مع مواقع التواصل على مدار الساعة.
ونجح وزير التعليم في مسك هذه الفرصة وخرج يشرح باسلوب هادئ وراق على مواقع التواصل كيفية الاستفادة من التعليم الافتراضى واساليب التفاعل بين المحاضر او المعلم والمتدربين، والاستفادة من التعلم الالكترونى من خلا تدريب الطلاب على كيفية اجراء الابحاث من بضع ورقات في المواد المختلفة، كما ساهم مدير المعهد المصرفي بشرح تلك الوسائل على عدد من الفضائيات باعتباره معهد تدريب يتبع البنك الكركزى ويحظى بمكانة اقليمية ودولية متميزة في مجال التعليم عن بُعد.
ولمس وزير التعليم الجانب النفسي الذى يشكل اكبر هاجس لاولياء الامور والطلبة وهو النجاح والرسوب ومجموع الدرجات معلنا أن الفكرة تقوم على تقييم جوانب القوة ومواطن الضعف لدى كل طالب بغرض تدعيمه ومساعدته للتفوق، والغاء الفكر التقليدي القائم على الدرجات والدروس الخصوصية وتعدد انظمة التعليم بما يحول إجراء التطوير المنشود.
واضح أن استفادة الابناء من تلك التجربة الثرية والمفيدة يتوقف على مدى قناعة ومسئولية اولياء الامور عن الثقة في توجه الدولة نحو بناء شخصية التلميذ المصري وتشكيل وعيه الوطنى، ويتوقف على حجم الثقة التى يمنحها الوالدين لهم، وبث روح التحدى في الابناء والاعتماد على النفس وتنمية مهارات البحث الذاتية لديهم.
كما انه يعتبر اجتياز للعقبة الاولى في عملية التغيير وتطوير العملية التعليمية في مصر تمهيدا لإحتلالها مرتبة متقدمة عالميا في التعليم والثقافة والطب والتكنولوجيا وجميع العلوم خلال العشرين عاما القادمة.