د. بهاء حلمي يكتب: حادث الواحات يكشف حجم الخطر الذى تتعرض له البلاد
صحيح أن الحدث جلل وعدد الشهداء كثر من أبناء مصر رجال العمليات الخاصة والأمن الوطنى فى مهمة أمنية واحدة مخطط لها كضربة استباقية بمنطقة الواحات البحرية والتى كانت تستهدف أخطر العناصر الإرهابية التى تحالفت مع الشيطان لتنفيذ أفكار ومخططات وأجندات عدائية ضد شعب مصر وأمن واستقرار البلاد.
وصحيح أنه يتعين على الجهات الأمنية ومراكز البحوث والعمليات بها سرعة الانتهاء من دراسة المأمورية وسير الأحداث ونتائجها لاستخلاص الدروس المستفادة سواء من جهة إدارة العمليات أم من جهة إدارة الأزمة ومكافحة الشائعات عند مهدها.
إلا أن هذا الحادث وعدد الشهداء وأسلوب التعامل يكشف لنا عن حجم المخاطر التى تتعرض لها البلاد، والعمليات التى شرعت قوى الظلام فى التحضير لها والتجهيز لتنفيذها على أرض الواقع فى وقت ما لاستهداف الدولة واستقرارها والنيل من خطوات الإصلاح التى تم اتخاذها لبناء المستقبل، ومحاولة التأثير على اختيارات المصريين فى الانتخابات الرئاسية القادمة.
كما يبين الحادث مواقع المعسكرات والأوكار التى تتخذها العناصر الإرهابية مقرا لتدريبهم وانطلاق العمليات منها، وأسلوب التعامل من حيث انتخاب مواقع حاكمة فى المناطق الصحراوية الوعرة التى تتميز بالكهوف والتباب، وأساليب الإخفاء إضافة لتدريب هذه العناصر على عمل الأكمنة وإدارة المعارك ميدانيا بشكل مخطط له سلفا.
فقد سبق لقوات انفاذ القانون استهداف تلك المنطقة وغيرها من المناطق الصحراوية كمنطقة العين السخنة أو ببعض مناطق الصعيد وتم تطهيرها، كما نجحت القوات الأمنية فى رصد واستهداف الحركات الإرهابية المسلحة التى تظهر بين الحين والآخر بمسميات مختلفة ولكنها من منبع واحد وهو الجماعة الإرهابية.
وذلك يفسر قرار السيسى إعلان تطبيق حالة الطوارئ بالبلاد من جديد لمدة ثلاثة شهور اعتبارا من صباح يوم الجمعة الموافق الثالث عشر من أكتوبر 2017، بعد توقف العمل بها لمدة ثلاثة أيام فقط، عقب انتهاء فترة الطوارئ الأولى التى أعلنت فى 10 إبريل الماضى بعد تفجير كنيستى الإسكندرية وطنطا، وانتهت فى 10 أكتوبر الجارى، وذلك لوجود تهديدات حقيقية على الأمن القومى والنظام العام بالبلاد، الأمر الذى تؤكده شواهد حادث الواحات البحرية.
فإذا كانت تنعقد مسئولية الدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية على حماية الأمن القومى ومكافحة الإرهاب فهناك مسئولية للمجتمع المدنى وكل فرد فى المجتمع تتلخص فى تيقن كل الناس بأن ما تتخذه الدولة من إجراءات أمنية وتضحيات رجال الشرطة والقوات المسلحة بغرض حماية الدولة ووحدتها ومقوماتها، وضرورة التحصن ضد الانسياق وراء الشائعات المغرضة أو محاولات النيل من الروح المعنوية وهز الثقة فى أجهزة ومؤسسات الدولة، وأن يخضع الجميع لسيادة القانون والإجراءات الأمنية والتدابير الاحترازية مثل التفتيش والإبلاغ عن الاشتباه فى أى أشخاص أو تحركات غريبة مع الإخطار عن المستأجرين ونزلاء الشقق المفروشة والقرى السياحية والفنادق وأماكن التجمعات السكانية المختلفة.
إن فرض حالة الطوارئ ضروريا فى تلك الأوقات لحماية البلاد أسوة بالمتبع بجميع دول العالم، فبعد هجمات باريس فى نوفمبر 2011 أعلن الرئيس الفرنسى حالة الطوارئ وإغلاق الحدود مع الدول المجاورة، وأعلنت الطوارئ فى بلجيكا مع إغلاق العاصمة بروكسل فى أكتوبر 2015 ثم أعادت الطوارئ فى مارس 2016 إثر الهجمات الإرهابية بمطار بروكسل.
وعلى الرغم من التهديدات والمخاطر الإرهابية فإن قوات إنفاذ القانون من الشرطة والجيش لديها من الكفاءة والقدرة لمكافحة الإرهاب ودحره، ولديها من الإصرار والعزيمة التى لا تلين كونها مستمدة ومدعومة من روح التحدى التى يتمتع بها المصريين.