د بهاء حلمي يكتب:  حل مشكلة تنفيذ الاحكام

 

إن مشكلة عدم تنفيذ الأحكام في مصر هى احد اسباب بطئ تحقيق العدالة، وهو موضوع قديم ومتشابك ولكنه على درجة كبيرة من الأهمية تطبيقا لمبدأ سيادة القانون والالتزام بأحكام الدستور.

سبق وان طالب رئيس الجمهورية بتحقيق العدالة الناجزة فقام مجلس النواب باجراء بعض التعديلات التشريعية في قانون الاجراءات الجنائية لعلاج مشكلة طول أمد التقاضى، دون الاقتراب من اشكالية عدم تنفيذ الاحكام وباقي المشكلات المرتبطة بها.

ابان افتتاح مشروعات المرحلة الثالثة من مشروع بشائر الخير بالاسكندرية، واثناء استعراض مشاكل اراضى الدولة، ومخالفات البناء التى ارتكبها اصحابها مستغلين ظروف الكورونا.

صدر توجيه رئاسي للحكومة والمحافظين ووزارة الداخلية بثلاثة مهام أولها، وضع حد لمقاضاة اجهزة الدولة وقطاعاتها لبعضها حفاظا على الصالح العام، والمهمة الثانية متابعة مخالفات المبانى والتعديات الجديدة بالمحافظات المختلفة والإزالة الفورية حتى سطح الارض، وثالثها، تكليف وزارة الداخلية بتنفيذ الاحكام وضبط المخالفين فوراً.

إن إصدار هذه التوجيهات يُعنى حرص الدولة على الالتزام بالدستور وتطبيق سيادة القانون والمساواة في خضوع جميع الاشخاص والمؤسسات والهيئات العامة والخاصة بما في ذلك الدولة ذاتها للقوانيين مع الاحتكام لقضاء مستقل.

إن مشكلة عدم تنفيذ الاحكام تؤدي إلى تعطيل الحقوق والحريات مما يؤثر على الأمن ويهز الثقة في منظومة العدالة بالمجتمع، كما تفرض اوضاع تعيق تنفيذ خطط التطوير والتنمية المأمولة.

فهناك دعاوى في المحاكم مازالت تنظر منذ القرن الماضي بعضها نزاعات بين مؤسسات وهيئات الدولة مما أدى الى خلق اوضاع استحالة تنفيذ الحكم، وبدء نزاع جديد للمطالبة بالتنفيذ والتعويض.

بعض الجهات الحكومية  تمتنع عن تنفيذ الاحكام وهو أمر نادر الحدوث في  دول العالم المتقدمة، وهناك بعض الدعاوى اصحابها قضوا نحبهم ومازالت تتصارع الورثة وورثة الورثة بخصوص مشكلات تنفيذ الأحكام.

إن لجوء مؤسسات وقطاعات الدولة للقضاء لحل النزاعات بينهم يُعنى فشل قيادات هذه الجهات والسلبية التى يتميزون بها، وضيق الآفق لدى مسئوليها كما يشير إلى تقاعس الحكومة عن احد الأختصاصات الدستورية المناط بها  فيما يتعلق بتوجيه الوزارات والجهات والهيئات التابعة لها والتنسيق بينها ومتابعتها .

وعلى جانب آخر فإن استمرار النزاعات في المحاكم بين الجهات الحكومية يظهر تراجع دور قضايا الدولة فيما يتعلق بإختصاصها بتسوية المنازعات بين جهات الدولة وبعضها، ويتوجب عليها الدفاع عن المال العام الذى يهدر نتيجة هذه النزاعات.

إن التوجيه بحل مشكلة تنفيذ الاحكام في مصر هو امر رئاسي من أعلى قمة السلطة التنفيذية للحكومة للالتزام بأحكام الدستور فيما يتعلق بالإختصاص بتنفيذ القوانين وحماية حقوق المواطنين ومصالح الدولة وتطبيق سيادة القانون فعلا وليس قولا، وهوحلم يراود أصحاب الحقوق الضائعة منذ سنوات.

ان تنفيذ الاحكام القضائية هو الثمرة التى تحتاج إلى تطوير، وتحتاج لتعديل التشريعات التى مر عليها عقود، وخاصة “قانونى المرافعات والاجراءات الجنائية” باعتبارهما أساس اجراءات التقاضى من بداية الخصومة حتى صدور الاحكام واجراءات تنفيذها.

ربما يحتاج دولاب العمل بوزارة الداخلية لتنفيذ الأحكام للدعم البشري والتقني للتغلب على  المشاكل المتراكمة لتنفيذ الاحكام، إضافة الى التعاون والتسيق مع وزارة العدل وغيرها من الجهات المعنية لإنجاز المطلوب.

فمن المناسب تحديد الاحتياجات البشرية في ضوء منظومة واليات عمل جديدة بقطاع الامن العام والجهات التابعة كالادارة العامة لتنفيذ الاحكام وادارات واقسام البحث بالمديريات والاقسام والمراكز.

مع امكانية دراسة الاستعانة بعدد من الحاصلين على ليسانس الحقوق، ومنحهم سلطة مأمورى الضبط وفقا للقانون، للعمل تحت اشراف ضباط البحث، مع مراجعة الدورة المستندية والالكترونية لقاعدة بيانات الامن العام بشأن تسجيل الأحكام وتنقيتها.

 وتوفير المزيد من الأجهزة المتصلة بقاعدة بيانات الاحكام، والربط مع الاحوال المدنية للحصول على محل الإقامة.

ويمكن تشكيل لجنة عليا دائمة تضم ممثلين عن وزارتى الداخلية والعدل ومن يري من الهيئات المعنية لإزالة العقبات واقتراح التعديلات التشريعية، والعرض لمجلس الوزراء لاتخاذ شئونه بغرض تحقيق المستهدف في أسرع وقت ممكن.

إن النتائج المأمولة تتلخص في الحفاظ على الحقوق والحريات للاشخاص الطبيعيين والاعتباريين على حد سواء، ووضع إطار جديد لتعامل الجميع وفقا لمبدأ سيادة القانون.

 

About Post Author