د بهاء حلمي يكتب:إساءة معاملة المسنين
تحتفي الأمم المتحدة في الخامس عشر من يونيو من كل عام باليوم العالمي للتوعية بشأن إساءة معاملة المسنين، الذى اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة رقم 66/127 .
حيث يعتبر هذا اليوم الفرصة السنوية التى يرفع فيها العالم صوته معارضاً إساءة معاملة بعض اجيالنا الأكبر سناً وتعريضهم للمعاناة.
توقعت المنظمة الأممية زيادة عدد سكان العالم الذين تبلغ اعمارهم 60 عاما فأكثر عن الضعف، من 900 مليون في عام 2015 الى حوالى 2 مليار نسمه في عام 2050، مما يؤدي الى زيادة احتمالات إساءة معاملة المسنين والمسنات.
وخاصة في المناطق النامية التى يقل فيها الاهتمام بالدراسات الاجتماعية الاستقصائية للتعرف على مؤشرات العنف والإساءة التى يتعرضون لها.
إن ظاهرة إساءة معاملة المسنين والمسنات هي قضية اجتماعية عالمية تؤثر في صحة الملايين منهم، وتنتهك حقوقهم الانسانية في جميع ارجاء العالم، لذا فهى قضية تستحق اهتمام المجتمع الدولى والوطنى وفقا لاهداف الامم المتحدة في هذا الإطار.
تشير الإحصائيات إلى معاناة مسن واحد من كل ستة مسنين من شكل من أشكال الإساءة، وهو رقم أعلى من التقديرات السابقة، ومن المتوقع أن يشهد ارتفاعأ مع تقدم السكان بدول العالم المختلفة.
وقد تكون معدلات ودرجات الإساءة أعلى بالنسبة لكبار السن الذين يعيشون في المؤسسات ودور المسنين مما يؤدي الى اصابات بدنية خطيرة وعواقب نفسية طويلة المدى، وذلك في الاحوال الاعتيادية قبل فيروس الكورونا (COVID-19).
إلا ان الظروف الراهنة التى يشهدها العالم والآثار السلبية لجائحة الكورونا على كافة الأصعدة سواء كانت معيشية ومجتمعية وانسانية أم على المستوى الاقتصادي والامني والنفسي بين سكان العالم أدت الى تفاقم مشكلة اساءة معاملة المسنين وانتهاك حقوقهم في كثير من دول العالم.
للأسف لم تتسبب جائحة كورونا في الحظر والابتعاد الاجتماعي وتوقف العمل والانتاج وتدهور الاقتصاد وتعطل برامج التنمية وتكريس كل الجهود في البحث عن علاج ولقاح لمواجهة الفيروس فحسب.
بل تسببت في خلق حالة من التوتر والقلق والخوف والهلع من مخاطر الاصابة والموت نتيجة الاصابة بهذا الفيروس، مما أدى إلى ترسيخ المشاعر السلبية والأنانية، واصبح البعض يصارع الذات من أجل البقاء.
فساءت الحالة النفسية والصحية لكثير من المسنين والمسنات المرضى والأصحاء على حد سواء.
شاهدنا رفض احد الابناء استلام جثمان والدته لدفنها، ورفض ثلاثة ابناء آخرون زيارة والدهم المصاب بكورونا أو مقابلة مسئولى الدار الموجود بها مع التعهد بسداد نفقات الدفن، وهناك من وضع والده المسن في حجرة بالجراج اسفل العقار ملكه ليرعاه الحارس ،وفي واقعة اخري تشاجر بعض الابناء لعدم استضافة أو رعاية ام مسنة ظهرت عليها اعراض الاصابة ، وذلك خشية الاصابة او العدوي.
انها نماذج للنكران والجحود والتصرفات المنافية للقيم الدينية والاخلاقية والانسانية التى حثت عليها جميع الاديان.
كما تعتبر خروجا علي القيم المجتمعية التى جسد مسلسل الأختيار بعضا منها كرعاية الشهيد المنسي لوالديه، والتزامه بالاخلاق والقيم.
إن المسنين والمسنات هم الجد والجدة، الوالد والوالدة، العم والخالة، والابن والابنة من شباب اليوم ومسنين الغد.
ان المسنين هم من اوفوا العطاء، وبذلوا كل مايملكون من صحة ومال وجهد في سبيل تنشئة جيل منفتح ذو اخلاق وعلم ليواكب العولمة ويصبح جزءا منها، ويبدو ان العلم والتكنولوجيا داست على الاخلاق والمبادئ لدى البعض.
إن بر الوالدين وطاعتهم وإكرامهم ورعايتهم هو واجب دينى واخلاقي، فوردت الكثير من الآيات القرآنية التى توجب العناية بالوالدين خاصة في سن الشيخوخة، كما ان الوصايا العشر تتضمن اكرم اباك وامك.
إنها دعوة لعلماء ورجال الدين، وعلماءالاجتماع والدراسات المجتمعية، والى الكتاب والمثقفين والحكماء والشيوخ والفنانين، إلى الابناء والشباب والمراهقين بعدم اساءة معاملة المسنين التزاما بالقيم الدينية والاخلاقية والانسانية .
تحية تقدير وعرفان لكل من يساعد ويساهم بأى شكل في رعاية المسنين والمسنات ، انهم يستحقون منا كل تقدير وخاصة الدعم النفسي والمعنوي.